فِي الِاسْتِفْتَاءِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ الْوَاقِفِ سِوَى نِصْفُ فَدَّانِ الْمُخَلَّفِ عَنْ أَبِيهِ إلَى أَنْ تُوُفِّيَ فَإِذَا عَرَفَ ذَلِكَ خَرَجَ أَحَدُ الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي فِيهَا قَبُولُ الْبَيِّنَةِ الْمُطْلَقَةِ فَإِذَا كَانَتْ يَدٌ لِغَيْرِهِ عَلَى جَمِيعِ الْبَاقِي وَبَيِّنَةٌ خَرَجَ الْمَوْضِعُ الثَّانِي كَانَتْ يَدًا لِغَيْرِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا عِلْمِ سَبَبٍ، وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْأَرْبَعَةِ الزَّائِدَةِ عَلَى الْمُخَلَّفِ عَنْ أَبِيهِ بِشَرْطِ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ أَنْ تَكُونَ فِي وَجْهِ خَصْمٍ مُدَّعًى عَلَيْهِ، وَأَمَّا هَكَذَا مُطْلَقَةٌ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ خَصْمٍ وَلَا دَعْوَى فَلَا أَثَرَ لَهَا وَلَا الْحُكْمَ بِهَا فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ أَيْضًا فَإِنَّ النَّاسَ يَتَسَمَّحُونَ فِي الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ وَالْحِيَازَةِ، وَمَتَى كَانَ خَصْمٌ فَلَا بُدَّ مِمَّا قُلْنَاهُ وَلَا يُقَالُ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ.
نَعَمْ إذَا قَامَتْ بَيِّنَاتٌ مُطْلَقَاتٌ أَوْ مُتَسَاوِيَاتٌ فِي الْإِسْنَادِ إلَى أَسْبَابِ تَعْلِيلِهَا كَمَا تُعِيلُ الْمَسَائِلَ فِي الْفَرَائِضِ.
وَذَكَرَ مَوْلَانَا قَاضِي الْقُضَاةِ فِي مِثَالِهِ الْكَرِيمِ أَنَّهُ تَوَقَّفَ فِي ذَلِكَ وَنِعْمَ مَا فَعَلَ شَكَرَ اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ، وَذَكَرَ فِي مِثَالِهِ الْكَرِيمِ أَنَّهُ كَانَ وَقَعَ فِي زَمَنِ جَدِّهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَاقِعَةٌ بِسَبَبِ ذَلِكَ أَوْ قَرِيبٌ مِنْهَا وَهُوَ إنْسَانٌ مَلَكَ بَعْضُ أَقَارِبِهِ عَقَارًا ثُمَّ أَنَّهُ بَاعَهُ وَثَبَتَتْ مَلَكِيَّةُ الْبَائِعِ فَلَمَّا ادَّعَى الْمُقَرِّ لَهُ بِالْعَقَارِ عِنْدَ جَدِّ مَوْلَانَا عَلَى الْمُشْتَرِي وَقَامَتْ بَيِّنَةُ الْإِقْرَارِ السَّابِقِ عَلَى الْبَيْعِ عِنْدَهُ حَكَمَ بِإِبْطَالِ الْبَيْعِ وَتَسْلِيمِهِ إلَى الْمُقِرِّ.
فَحَفِظَ اللَّهُ مَوْلَانَا لِحِفْظِهِ لِمَسَائِلِ الْعِلْمِ نِعْمَ هَذِهِ قَضِيَّةُ قَرَاسُنْقُرَ فِي بُسْتَانِ الْجُوسَةِ بِظَاهِرِ حَمَاةَ اشْتَرَاهُ مِنْ عِمَادِ الدِّينِ صَاحِبِ حُمَاةَ فِي سَنَةِ ٧١١ ثُمَّ خَرَجَ مَكْتُوبٌ فِيهِ أَنَّ عِمَادَ الدِّينِ أَقَرَّ بِهِ فِي سَنَةِ ٧ لِأُمِّهِ وَلِزَوْجَتِهِ وَحَضَرَتْ الْمُحَاكَمَةُ هَذِهِ إلَى دِمَشْقَ فِي سَنَةِ ٧٤٣ وَفِيهَا نَظَرٌ آخَرُ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَتِنَا هَذِهِ أَنَّ تِلْكَ فِي الْإِقْرَارِ وَلَا تُقْبَلُ الدَّعْوَى بَعْدَهُ مُطْلَقَةً وَذَلِكَ مُسْتَنَدُ قَاضِي الْقُضَاةِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ جَدِّ مَوْلَانَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَإِنَّهُ مِنْ أَئِمَّةِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ وَمَسْأَلَتُنَا هَذِهِ لَيْسَ فِيهَا إقْرَارٌ وَقَدْ تَبَيَّنَ الْحُكْمُ فِيهَا أَيْضًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى.
[مَسْأَلَةٌ مَاتَ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ إلَّا بَيْتُ مَالِ الْمُسْلِمِينَ]
(مَسْأَلَةٌ دِمْيَاطِيَّةٌ)
رَجُلٌ مَاتَ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ إلَّا بَيْتُ مَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَبَعْضُ أَرْبَابِ الدَّيْنِ غَائِبٌ عَنْ بَلَدِ الْمَيِّتِ فَادَّعَى وَكِيلُهُ بِدَيْنِهِ بَعْدَ ثُبُوتِ وَكَالَتِهِ عَنْهُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِالدَّيْنِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ تَسْقُطُ الْيَمِينُ إذَا قُلْنَا بِوُجُوبِهَا بِسَبَبِ غَيْبَةِ رَبِّ الدَّيْنِ وَيَسُوغُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute