سَمِعْت فِي الْأَصَحِّ وَلَكِنَّ فَائِدَةَ سَمَاعِهَا مُعَارَضَةُ الْبَيِّنَةِ الَّتِي اُنْتُزِعَتْ مِنْهُ بِهَا وَرُجُوعُهَا إلَى يَدِهِ كَمَا لَوْ أَقَامَهَا قَبْلَ الِانْتِزَاعِ فَلْيَتَنَبَّهْ لِهَذَا فَإِنَّهُ قَدْ يَغْلَطُ فِيهِ وَيَغْتَرُّ بِقَوْلِهِمْ: إنَّ الدَّعْوَى مَسْمُوعَةٌ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ سَبَبَ الِانْتِقَالِ إذَا كَانَ الِانْتِزَاعُ بِبَيِّنَةٍ لَا بِإِقْرَارٍ وَمُرَادُهُمْ مَا بَيَّنَّاهُ هُنَا.
فَإِذَا عَلِمَ ذَلِكَ عَلِمَ فِي مَسْأَلَتِنَا أَنَّ نَصِيبَ الْأُخْتَيْنِ لَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ مَقْرُونَةٍ بِبَيَانِ سَبَبِ الِانْتِقَالِ فَمَتَى لَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ وَعُرِفَ أَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ فِي الْفَدَادِينِ الْأَرْبَعَةِ الْبَاقِيَةِ تَعَذَّرَ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ وَقْفِهِ فِي الرُّبُعِ الزَّائِدِ عَلَى نَصِيبِهِ وَلَمْ تُفِدْ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى مِلْكِهِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ وَلَمْ يُفِدْ حُكْمُ الْقَاضِي بِهِ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ وَلَمْ يُنَفَّذْ ذَلِكَ الْحُكْمُ، وَقَبُولُ الْبَيِّنَةِ الْمُطْلَقَةِ بِالْمِلْكِ إذَا لَمْ يَكُنْ أَصْلًا لَا حُجَّةً شَرْعِيَّةً لَا مُعَارِضَ لَهَا وَلَيْسَ فِيهَا رَفْعُ يَدٍ وَلَا إبْطَالُ حَقٍّ لِمُعَيَّنِ، وَالْحُكْمُ إذَا ثَبَتَ لِمُعَيَّنِ لَمْ يَجُزْ رَفْعُهُ إلَّا بِمُسْتَنَدٍ بِخِلَافِ الْمَجْهُولِ وَقَبُولُهَا عَلَى ذِي الْيَدِ الَّذِي بِلَا بَيِّنَةٍ لَهُ وَلَا عِلْمِ حَاكِمٍ لِأَنَّ الْيَدَ وَإِنْ كَانَتْ حُجَّةً فَالْبَيِّنَةُ أَقْوَى مِنْهَا وَقَبُولُهَا بَعْدَ الِانْتِزَاعِ بِبَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّهَا مُعْتَضَدَةٌ بِالْيَدِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَتَقَدَّمَ عَلَى الْبَيِّنَةِ الْمُجَرَّدَةِ بِنَاءً عَلَى تَقْدِيمِ الدَّاخِلِ، وَفِيمَا سِوَى الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ لَا وَجْهَ لِقَبُولِهَا لِوُجُودِ مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهَا وَهُوَ بَيَانُ السَّبَبِ فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى عَدَمِ بَيَانِهِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّا دَائِمًا نُقَدِّمُ الْأَرْجَحَ فَالْأَرْجَحَ وَأَمَّا إذَا اُنْتُزِعَتْ الْعَيْنُ بِإِقْرَارٍ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُنْتَزِعِ مِنْهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ إلَّا بِبَيَانٍ بِسَبَبِ انْتِقَالٍ جَدِيدٍ لِئَلَّا يَكُونَ مُكَذِّبًا لِغَيْرِهِ؛ هَذَا كُلُّهُ فِي الرُّبُعِ الزَّائِدِ عَلَى نَصِيبِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى نَصِيبِ أُخْتَيْهِ وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ إلَى الْأَرْبَعَةِ الْفَدَادِينِ الْبَاقِيَةِ مِنْ الْقَرْيَةِ فَإِنْ كَانَتْ مَعْلُومَةً لِغَيْرِهِ أَوْ فِي أَيْدِيهِمْ فَالْحُكْمُ عَلَى مَا شَرَحْنَاهُ مِنْ التَّفْصِيلِ وَإِنْ كَانَ فِيهَا مَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الرُّبُعُ الزَّائِدُ مِنْهُ فَتَكُونُ الزِّيَادَةُ بِمِلْكِهِ مَسْمُوعَةً وَيَكُونُ قَدْ وَقَفَ نِصْفًا مِمَّا خَلَفَهُ أَبُوهُ وَرُبُعًا مِنْ غَيْرِهِ، هَذَا إنْ كَانَ الْأَمْرُ مُمْكِنًا وَالشَّهَادَةُ بِذَلِكَ وَإِلَّا فَالْأَمْرُ عَلَى مَا شَرَحْنَاهُ فِي نَصِيبِ أُخْتَيْهِ وَبِعَدَمِ الرُّبُعِ تُوقَفُ وَلَا يُسْمَعُ مِنْ مُسْتَحِقِّ الْوَقْفِ دَعْوَاهُ فِيهِ وَلَا عِبْرَةَ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ الَّذِي عُرِفَ اسْتِنَادُهُ إلَى ذَلِكَ، وَأَمَّا النِّصْفُ الْمَعْرُوفُ مِلْكُهُ لَهُ مِنْ وَالِدِهِ فَوَقْفُهُ صَحِيحٌ إذَا حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ يَرَى صِحَّةَ الْوَقْفِ عَلَى نَفْسِهِ فَيَتَقَدَّرُ ذَلِكَ الْقَدْرُ خَاصَّةً.
وَقَدْ ذَكَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute