قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا صَرُورَةَ فِي الْإِسْلَامِ» رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي الْحَجِّ وَابْنُ مَاجَهْ فِي النِّكَاحِ، وَالصَّرُورَةُ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ هُوَ الَّذِي لَمْ يَحُجَّ وَهُوَ أَيْضًا الَّذِي لَمْ يَتَزَوَّجْ، وَمَعْنَاهُ لَا فِعْلَ صَرُورَةٍ فِي الْإِسْلَامِ أَيْ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَأْنِ الْمُسْلِمِينَ؛ وَقَدْ ضَعَّفَ ابْنُ عَدِيٍّ هَذَا الْحَدِيثَ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَهُوَ إلَى الصِّحَّةِ أَقْرَبُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَإِنْ قُلْنَا بِوُجُوبِهِ عَلَى التَّرَاخِي فَمَاتَ وَلَمْ يَحُجَّ فَقَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَبَعْضُ السَّلَفِ: لَا يَصِحُّ الْحَجُّ عَنْ مَيِّتٍ وَلَا غَيْرِهِ بِحَالٍ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ: لَا يُحَجُّ عَنْهُ إلَّا أَنْ يُوصِيَ بِهِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُ السَّلَفِ: يُحَجُّ عَنْ الْمَيِّتِ عَنْ فَرْضِهِ وَعَنْ نَذْرِهِ سَوَاءٌ أَوْصَى بِهِ أَمْ لَا وَيُجْزِئُ عَنْهُ. وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَجَمَاعَةٍ أَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ فِي تَرِكَتِهِ يُخْرَجُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ الدُّعَاءُ فِي الطَّوَافِ]
(مَسْأَلَةٌ) الدُّعَاءُ فِي الطَّوَافِ إذَا كَانَ مَأْثُورًا هَلْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الطَّوَافِ أَمْ الْقِرَاءَةُ أَفْضَلُ مِنْهُ؟ .
(الْجَوَابُ) قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَطْلَقَ الْمُتَأَخِّرُونَ أَنَّ الدُّعَاءَ الْمَأْثُورَ أَفْضَلُ فِي الْأَصَحِّ وَنَقَلَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْقُرْآنَ أَفْضَلُ مِنْ الذِّكْرِ وَالْمُخْتَارُ أَنْ يُقَالَ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي وَرَدَ فِيهَا ذِكْرٌ خَاصٌّ أَوْ دُعَاءٌ خَاصٌّ يَكُونُ هُوَ أَفْضَلَ وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي لَمْ يَرِدْ فِيهَا شَيْءٌ خَاصٌّ يَكُونُ الْقُرْآنُ أَفْضَلَ مِنْ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَإِنْ كَانَ مَأْثُورًا، وَيُحْمَلُ قَوْلُ الْأَصْحَابِ الْمَأْثُورُ عَلَى الْمَأْثُورِ بِخُصُوصِهِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ فَيَسْتَمِرُّ مَا قَالُوهُ مِنْ التَّصْحِيحِ، وَنَصُّ الشَّافِعِيِّ الْمَذْكُورُ لَا يُنَافِيه، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْقُرْآنَ أَفْضَلُ الذِّكْرِ وَلَكِنْ ثَمَّ مَوَاضِعُ طُلِبَ فِيهَا ذِكْرٌ خَاصٌّ فَلَا يُشْرَعُ تَفْوِيتُهُ بِالْقُرْآنِ وَلَا بِغَيْرِهِ بَلْ مَوَاضِعُ شُرِعَ فِيهَا الذِّكْرُ وَلَمْ يُشْرَعْ فِيهَا الْقُرْآنُ كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ انْتَهَى.
[تَنَزُّلُ السَّكِينَةِ عَلَى قَنَادِيلِ الْمَدِينَةِ]
(فَصْلٌ) لِلشَّيْخِ الْإِمَامِ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ كِتَابٌ سَمَّاهُ (تَنَزُّلُ السَّكِينَةِ عَلَى قَنَادِيلِ الْمَدِينَةِ) وَهُوَ هَذَا قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَسْعَدْنَا بِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَعَادَةً لَا تَبِيدُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ وَأَشْهَدُ أَنْ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الْهَادِي إلَى كُلِّ أَمْرٍ رَشِيدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ - صَلَاةً تَلِيقُ بِجَلَالِهِ لَا تَزَالُ تَعْلُو وَتَزِيدُ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إلَى يَوْمِ الْمَزِيدِ، وَبَعْدُ.
فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ خَيْرٍ أَنَا فِيهِ وَمَنَّ عَلَيَّ بِهِ فَهُوَ بِسَبَبِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْتِجَائِي إلَيْهِ وَاعْتِمَادِي فِي تَوَسُّلِي إلَى اللَّهِ فِي كُلِّ أُمُورِي عَلَيْهِ فَهُوَ وَسِيلَتِي إلَى اللَّهِ فِي الدُّنْيَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute