إحْسَانِهِ السَّابِقِ لِيَتَعَارَضَا وَتَبْقَى إسَاءَتُهُ ثُمَّ افْتَقَدْت نَفْسِي فَلَمْ أَجِدْ مَحَبَّتَهُ خَرَجَتْ مِنْ قَلْبِي وَعَالَجْت نَفْسِي عَلَى أَنْ أَمْحُوَ أَثَرَ إحْسَانِهِ الْمُتَقَدِّمِ إلَيَّ فَلَمْ أَقْدِرْ وَاسْتَمَرَّتْ مَوَدَّتُهُ فِي قَلْبِي وَلَمَّا مَاتَ رَثَيْته. وَهَذَا حَالِي مَعَ كُلِّ أَحَدٍ لَا أَجِدُ فِي نَفْسِي غَيْرَ ذَلِكَ.
(الثَّانِي) رَجُلٌ لَهُ عَلَيَّ إحْسَانٌ لَكِنْ لَهُ صُحْبَةٌ وَمَوَدَّةٌ فَهُوَ كَالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الصُّحْبَةَ مِنْ الْإِنْسَانِ وَاَللَّهُ يَسْأَلُ عَنْهَا وَقَدْ اتَّفَقَ لِي.
(الثَّالِثُ) رَجُلٌ لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ إحْسَانٌ وَلَا صُحْبَةٌ لَكِنْ لَهُ فَضْلٌ أَوْ نَفْعٌ لِلنَّاسِ فَأَنَا أَرْعَى لَهُ ذَلِكَ، وَقَدْ اتَّفَقَ لِي ذَلِكَ فِي شَخْصٍ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ، وَبَلَغَنِي عَنْهُ فِي حَقِّي كُلَّ قَبِيحٍ وَقَصَدَ أَذَايَ مَرَّاتٍ وَشَهِدَ بِالزُّورِ فِي حَقِّي مَرَّاتٍ وَمَا غَيَّرَنِي ذَلِكَ عَلَيْهِ أَعْنِي أَذَاهُ لَا وَاَللَّهِ، وَلَمَّا مَرِضَ مَرَضَ مَوْتِهِ تَأَلَّمْت لَهُ وَلِفَقْدِهِ وَنَظَمْت قَصِيدَةً فِي ذَلِكَ هَذَا فِيمَنْ يَقْصِدُ أَذَايَ فَكَيْفَ فِيمَنْ لَمْ يَحْصُلْ لِي مِنْهُ أَذًى مِنْ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ.
(الرَّابِعُ) رَجُلٌ لَا أَعْرِفُهُ وَلَا يَعْرِفُنِي فَكَيْف أُعَادِيه بَلْ إذَا بَلَغَنِي عَنْهُ أَنَّهُ فِي ضَرَرٍ أَتَأَلَّمُ، وَإِذَا حَصَلَ لَهُ خَيْرٌ أُسَرَّ بِهِ فَإِنَّ النَّاسَ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا، بَلْ أَرَى الْخَيْرَ الَّذِي يَحْصُلُ لَهُ يُغْنِيه عَنِّي فَكَأَنَّنِي غُنِيت بِهِ وَيَكُونُ غِنَاهُ غِنًى لِي أَلَيْسَ لَوْ احْتَاجَ وَجَبَ عَلَيَّ إسْعَافُهُ.
وَزِيَادَةٌ أُخْرَى أَذْكُرُهَا وَهِيَ أَنَّ الشَّخْصَ قَدْ لَا يَقْصِدُ الْأَذَى وَلَكِنْ تَلُوحُ لَهُ مَصْلَحَةٌ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِضَرَرِ غَيْرِهِ فَيَفْعَلُهُ تَوَصُّلًا لِمَصْلَحَتِهِ، وَهَذَا يَقَعُ لِلنَّاسِ كَثِيرًا وَلَكِنِّي بِحَمْدِ اللَّهِ لَمْ يَتَّفِقْ لِي وَلَا أَجِدُ قَلْبِي يُوَافِقُ عَلَيْهِ انْتَهَى.
[مَسْأَلَةٌ أَقَرَّ أَنَّ فِي ذِمَّتِهِ لِشَخْصٍ أَلْف دِرْهَمٍ وَعَشَرَة دَرَاهِمَ]
(مَسْأَلَةٌ) أَنْتَجَهَا الْبَحْثُ فِي دَرْسِ الْغَزَالِيَّةِ سُنَّةٌ جَرَتْ مِنْ عِنْدِ قَاضِي بُلْبَيْسَ وَكَتَبْت عَلَيْهَا فِي غُرَّةِ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ صَوَّرْتهَا فِي رَجُلٍ أَقَرَّ أَنَّ فِي ذِمَّتِهِ لِشَخْصٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةَ دَرَاهِمَ، ثُمَّ إنَّهُ وَفَّى مِنْهَا أَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ ثُمَّ مَاتَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَادَّعَى الْمُدَّعِي اسْتِحْقَاقَهُ لِسِتِّمِائَةٍ وَعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَهَلْ يُسَوَّغُ لِلشُّهُودِ الْأَدَاءُ عِنْدَ الْحَاكِمِ عَلَى إقْرَارِ الْمُقِرِّ بِجُمْلَةِ الدَّيْنِ وَلَا يَقْدَحُ ذَلِكَ فِي شَهَادَتِهِمْ أَوْ يَقْدَحُ لِكَوْنِهِمْ شَهِدُوا بِمَا لَا يَدَّعِي الْمُدَّعِي أَوْ بِزِيَادَةٍ عَلَى الْمُدَّعَى بِهِ؟ وَإِذَا لَمْ يَقْدَحْ ذَلِكَ فِي شَهَادَتِهِمْ فَهَلْ يُكْتَبُ أَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ إقْرَارُ الْمُقِرِّ بِجُمْلَةِ الدَّيْنِ أَمْ بِبَاقِي الدَّيْنِ؟ وَهُوَ سِتُّمِائَةٍ وَعَشَرَةٌ أَمْ لَا أَفْتَوْنَا مَأْجُورِينَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute