ذَلِكَ الْوَقْتَ لَمْ يَكُنْ قَاضٍ حَنَفِيٌّ وَإِنَّمَا الْحَنَفِيُّ الَّذِي يُزَوِّجُهَا كَانَ نَائِبًا عَنْ ابْنِ سَنِيِّ الدَّوْلَةِ الْقَاضِي الشَّافِعِيِّ بِدِمَشْقَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ أَسْلَمَ الْحُرُّ عَلَى أَرْبَعِ إمَاءٍ وَأَسْلَمَ مَعَهُ ثِنْتَانِ وَتَخَلَّفَ ثِنْتَانِ]
(مَسْأَلَةٌ) أَسْلَمَ الْحُرُّ عَلَى أَرْبَعِ إمَاءٍ وَأَسْلَمَ مَعَهُ ثِنْتَانِ وَتَخَلَّفَ ثِنْتَانِ فَعَتَقَتْ وَاحِدَةٌ مِنْ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْمُتَخَلِّفَتَانِ عَلَى الرِّقِّ انْدَفَعَ نِكَاحُهُمَا وِفَاقًا لِلْغَزَالِيِّ وَالرَّافِعِيِّ وَخِلَافًا لِلْإِمَامِ وَالْفُورَانِيِّ وَابْنِ الصَّلَاحِ؛ لِأَنَّ تَحْتَ زَوْجِهِمَا عَتِيقَةً عِنْدَ اجْتِمَاعِ إسْلَامِهِمَا وَإِسْلَامِ الزَّوْجِ وَلَا تَنْدَفِعُ الرَّقِيقَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ؛ لِأَنَّ عِتْقَ صَاحِبَتِهَا كَانَ بَعْدَ اجْتِمَاعِ إسْلَامِهِمَا وَإِسْلَامِ الزَّوْجِ فَلَا يُؤَيَّدُ فِي حَقِّهَا بَلْ يَخْتَارُ وَاحِدَةً مِنْهُمَا، وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الضَّابِطَ أَنَّهُ إذَا اقْتَرَنَ بِحَالَةِ الْإِسْلَامِ مَانِعٌ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ النِّكَاحِ امْتَنَعَ التَّقْرِيرُ وَحَالَ إسْلَامِ الْمُتَخَلِّفَتَيْنِ اقْتَرَنَ بِهِ حُرِّيَّةُ إحْدَى الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ وَهِيَ مَانِعَةٌ مِنْ ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ عَلَى الرَّقِيقَةِ فَيَمْتَنِعُ التَّقْرِيرُ عَلَى الرَّقِيقَتَيْنِ الْمُتَخَلِّفَتَيْنِ.
فَإِنْ قُلْت: الْمُعْتَبَرُ فِي الضَّابِطِ إنَّمَا هُوَ إذَا اقْتَرَنَ بِحَالِ إسْلَامِهِ وَحَالَ إسْلَامِهِ لَمْ يَكُنْ تَحْتَهُ حُرَّةٌ قُلْت: لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ إذَا أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ حُرَّةٌ وَإِمَاءٌ وَأَسْلَمَتْ الْحُرَّةُ مَعَهُ يَنْدَفِعُ نِكَاحُ الْإِمَاءِ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَمْتَنِعُ عَقْدُهُ عَلَى الْإِمَاءِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَنْتَظِرُ زَمَانَ الْعِدَّةِ فَإِنْ أَسْلَمَتْ الْإِمَاءُ فِيهِ بَعْدَ مَا عَتَقْنَ يَتَخَيَّرُ.
فَهَذَا يَدُلُّنَا عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ النَّظَرِ إلَى إسْلَامِ الزَّوْجَةِ أَيْضًا فَمَا كَانَ مَانِعًا عِنْدَهُ مِنْ الِابْتِدَاءِ مَنَعَ مِنْ الدَّوَامِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى الْحُرَّةِ مَانِعَةٌ مِنْ ابْتِدَائِهِ وَهُوَ حَاصِلٌ فِي مَسْأَلَتِنَا فَمَنَعَ مِنْ الدَّوَامِ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ، وَهَذَا بَيِّنٌ لَا شَكَّ فِيهِ.
وَقَدْ صَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِحَالَةِ الِاخْتِيَارِ وَهِيَ حَالَةُ اجْتِمَاعِ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِ مَنْ يَخْتَارُهَا وَالْمُتَخَلِّفَتَانِ لَمْ يَجْتَمِعْ إسْلَامُهُمَا مَعَ إسْلَامِهِ إلَّا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى حُرَّةٍ فَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَخْتَارَهُمَا وَلَا وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا.
وَهَذَا ظَاهِرٌ لَا شَكَّ فِيهِ وَلَا نَقُولُ بِأَنَّ مُجَرَّدَ عِتْقِ إحْدَى الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ يَنْدَفِعُ نِكَاحُ الْمُتَخَلِّفَتَيْنِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُعْتَقَا ثُمَّ يُسْلِمَا فَيَكُونُ لَهُ الِاخْتِيَارُ فِيهِمَا أَيْضًا لِمُقَارَنَةِ إسْلَامِهِمَا لِحُرِّيَّتِهِمَا وَإِنَّمَا يَنْدَفِعَانِ إذَا أَسْلَمَتَا وَهُمَا عَلَى الرِّقِّ وَإِنْ كَانَ فِي الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ تَعَذَّرَ التَّقْرِيرُ وَإِنَّمَا قُلْنَا: لَا تَنْدَفِعُ الرَّقِيقَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ بِعِتْقِ صَاحِبَتِهَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ عِنْدَ إسْلَامِهِمَا وَإِسْلَامِ الزَّوْجِ لَمْ تَكُنْ حُرَّةً فَهِيَ مِثْلُ صَاحِبَتِهَا فِي الرِّقِّ فَتَقَرَّرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute