خَثْعَمِيَّةٌ فَعَلِمْنَا أَنَّ هَذَا الْبَابَ إنَّمَا يَدُورُ عَلَى عَصَبَةِ الْمُعْتِقِ وَابْنُ الْمُعْتِقِ أَقْرَبُ عَصَبَاتِهَا فَوَرِثَ.
وَرَوَى سَعِيدٌ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ ثنا عُبَيْدَةُ الضَّبِّيُّ قَالَ: وَثَنَا هِشَامٌ ثنا الْبُنَانِيُّ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ عُمَرَ قَالَ: قَضَى بِوَلَاءِ مَوَالِي صَفِيَّةَ لِلزُّبَيْرِ دُونَ الْعَبَّاسِ وَقَضَى فِي مَوَالِي أُمِّ هَانِئِ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ لِابْنِهَا جَعْدَةَ بْنِ هُبَيْرَةَ دُونَ عَلِيٍّ.
وَرَوَى أَحْمَدُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ «أَنَّ امْرَأَةً أَعْتَقَتْ عَبْدًا ثُمَّ تُوُفِّيَتْ وَتَرَكَتْ ابْنًا وَأَخًا ثُمَّ تُوُفِّيَ مَوْلَاهَا فَأَتَى أَخُو الْمَرْأَةِ وَابْنُهَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مِيرَاثِهِ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِيرَاثُهُ لِابْنِ الْمَرْأَةِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ جَرَّ جَرِيرَةً كَانَتْ عَلَيَّ وَيَكُونُ لَهُ مِيرَاثُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ» .
وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثٌ مُرْسَلٌ «الْمَوْلَى أَخٌ فِي الدِّينِ وَنِعْمَةٌ وَيَرِثُهُ أَوْلَى النَّاسِ بِالْمُعْتِقِ» وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَهُ فِي امْرَأَةٍ مَاتَتْ وَخَلَّفَتْ أَخَاهَا وَابْنَ أَخِيهَا أَنَّ مِيرَاثَ مَوَالِيهَا لِأَخِيهَا أَوْ ابْنِ أَخِيهَا دُونَ أَبِيهَا.
وَرُوِيَ عَنْهُ الرُّجُوعُ إلَى مِثْلِ قَوْلِ الْجَمَاعَةِ.
(الْفَصْلُ الْخَامِسُ) إذَا ثَبَتَ إرْثُ الِابْنِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ فَكَانَ لِلْمُعْتِقِ أَبٌ وَابْنٌ فَعِنْدَنَا الْمَالُ كُلُّهُ لِلِابْنِ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ يَدُورُ عَلَى مَحْضِ الْعُصُوبَةِ، وَالْأَبُ مَعَ الِابْنِ لَيْسَ عَصَبَةً وَإِنَّمَا يَرِثُ بِالْفَرْضِ فَكَيْفَ يَأْخُذُ بِالْوَلَاءِ.
وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَالْحَسَنِ وَالشَّعْبِيِّ وَالْحَكَمِ وَحَمَّادٍ وَقَتَادَةَ وَالزُّهْرِيِّ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَقَالَ أَحْمَدُ: لِلْأَبِ السُّدُسُ وَالْبَاقِي لِلِابْنِ.
وَبِهِ قَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو يُوسُفَ. وَنَقَلَهُ ابْنُ عَلَوِيَّةَ عَنْ شُرَيْحٍ أَيْضًا وَقَالَ: هَؤُلَاءِ فِي الْجَدِّ مَعَ الِابْنِ كَمَا قَالُوا فِي الْأَبِ مَعَ الِابْنِ.
[الْفَصْلُ السَّادِسُ خَلَّفَ الْعَتِيقُ بِنْتَ الْمُعْتِقِ وَعَصَبَةَ الْمُعْتِقِ]
الْفَصْلُ السَّادِسُ خَرَجَ الْحَنَابِلَةُ عَلَى الرِّوَايَةِ الضَّعِيفَةِ فِي تَوْرِيثِ بِنْتِ الْمُعْتِقِ أَنَّهُ لَوْ خَلَّفَ الْعَتِيقُ بِنْتَ الْمُعْتِقِ وَعَصَبَةَ الْمُعْتِقِ كَأَخِيهِ وَعَمِّهِ فَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي لَلْعَصَبَةِ فَسَلَكُوا بِهَا مَسْلَك الْفُرُوضِ.
وَلَا خِلَافَ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ لَوْ خَلَّفَ أُخْتَ مُعْتِقِهِ وَأُمَّهُ فَلَا شَيْءَ لَهَا رِوَايَةً وَاحِدَةً وَإِنَّمَا تِلْكَ الرِّوَايَةُ فِي الْبِنْتِ خَاصَّةً لِقَضِيَّةِ بِنْتِ حَمْزَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -.
(الْفَصْلُ السَّابِعُ) وَبِهِ نَخْتِمُ الْكَلَامَ: اعْلَمْ أَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى الْإِحَاطَةِ بِأَحْكَامِ الْوَلَاءِ فِي هَذَا التَّصْنِيفِ وَهِيَ مَبْسُوطَةٌ مُقَرَّرَةٌ فِي كُتُبِ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ فِي كِتَابِ