للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَقَدَ مَجْلِسَ بِدِمَشْقَ كَمَا تَقَدَّمَ شَرْحُهُ.

وَعِنْدِي أَنَّ الْحُكْمَ بَعْدَ اسْتِحْقَاقِ بَدْرِ الدِّينِ النَّظَرَ إسْنَادٌ إلَى شَرْطِ الْوَاقِفِ وَأَنَّهُ اقْتَضَى مُلَازَمَةَ التَّدْرِيسِ النَّظَرُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَلَكِنْ لَوْ اسْتَنَدَ إلَى شَرْطِ الْوَاقِفِ لَمْ يَقْتَضِهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ كَانَ صَحِيحًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَالْحَاكِمُ الْمَذْكُورُ اسْتَنَدَ إلَى فَتَاوَى جَمَاعَةٍ لَمْ يَقْتَضِ رَأْيِي مُوَافَقَتَهُمْ عَلَيْهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَبَقِيَ مِنْ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ صَلَاحُ الدِّينِ عَنْ التَّدْرِيسِ وَأَذِنَ فِي أَنْ يُوَلِّيَ غَيْرَهُ فَوَلَّى النَّاظِرُ الْعَامُّ صَحَّتْ التَّوْلِيَةُ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ لَهُ نَظَرٌ فَقَدْ أَذِنَ وَإِلَّا فَقَدْ وَلَّى النَّاظِرُ الْعَامُّ، وَأَيًّا مَا كَانَ حَصَلَ الْمَقْصُودُ بِمَجْمُوعٍ الْأَمْرَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَكَلَّمْت بِذَلِكَ مَعَ مَنْ ذَكَّرَنِي بِأَنَّ عَلَاءَ الدِّينِ الْقُدْسِيَّ كَانَ مُدَرِّسُهَا وَنَاظِرُهَا بِتَعْيِينِ الْحَاكِمِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَتَعَصَّبَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْقُدْسِ حَتَّى عُزِلَ فَذَكَرْت وَقُلْت: مُقْتَضَى هَذَا الْبَحْثِ أَنَّهُ الْآنَ بَاقٍ عَلَى وِلَايَتِهِ فَوَقَفْت عَنْ تَوَسُّعِ تَوْلِيَةِ غَيْرِهِ، وَهَذِهِ أُمُورٌ يَجِبُ الْبَحْثُ وَالنَّظَرُ إلَيْهَا، وَلَيْسَ لَنَا غَرَضٌ مَعَ أَحَدٍ، وَنَفْسِي مُنْقَادَةٌ إلَى مَا يَئُولُ الْبَحْثُ الصَّحِيحُ إلَيْهِ وَأَقِفُ عِنْدَهُ، وَهَذِهِ فَائِدَةُ الْعِلْمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَأَمَّا قَوْلُ الْوَاقِفِ فِي مَوْضِعَيْنِ أَحَدُهُمَا بَعْدَ اسْتِئْذَانِ النَّاظِرِ وَالثَّانِي إنْهَاءُ ذَلِكَ إلَى النَّاظِرِ فَيَقْتَضِي أَنَّ الْمُدَرِّسَ عَلَيْهِ نَاظِرٌ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ النَّاظِرَ الْعَامَّ، وَهُوَ الْقَاضِي حَتَّى لَا يُنَافِيَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ النَّظَرَ لِلْمُدَرِّسِ، وَيُحْتَمَلُ مَعْنًى آخَرَ لَمْ نَفْهَمْهُ، وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ لَعَلَّهُ ظَنَّ الْوَاقِفُ أَنَّ عَلَى الْمُدَرِّسِ نَاظِرًا إمَّا الْوَاقِفُ، أَوْ غَيْرُهُ، أَوْ كَانَ فِي عَزْمِهِ أَنْ يَجْعَلَ عَلَيْهِ نَاظِرًا فَلَمْ يَتَّفِقْ لَهُ، وَعَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ لَا يَلْزَمُ إثْبَاتُ نَاظِرٍ غَيْرِ الْمُدَرِّسِ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُزَالَ، فَإِنْ دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ الْمُتَقَدِّمُ الصَّرِيحُ فِي أَنَّ النَّظَرَ لِلْمُدَرِّسِ بِكَلَامٍ مُلْتَبِسٍ لَا يَدُلُّ عَلَى نَاظِرٍ مُعَيَّنٍ يُزَاحِمُ الْمُدَرِّسَ وَلَوْ تَعَلَّقَ عَلَيْهِ فَلَا مَعْنَى لِلِاشْتِغَالِ بِفَهْمِ مُرَادِهِ فِي ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى.

[فَصْلٌ مَنْ فَوَّضَ الْوَاقِفُ النَّظَرَ إلَيْهِ فِي وَقْفٍ]

{فَصْلٌ} قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَنْ فَوَّضَ الْوَاقِفُ النَّظَرَ إلَيْهِ فِي وَقْفٍ فِيهِ مَسَائِلُ:

(إحْدَاهَا) لَمْ يَكُنْ مُشْتَرَطًا فِي أَصْلِ الْوَقْفِ وَلَكِنْ فَوَّضَ إلَيْهِ الْوَاقِفُ بَعْدَ تَمَامِ الْوَقْفِ بِأَنْ كَانَ الْوَاقِفُ قَدْ شَرَطَ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ، أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ وَلَكِنْ فَرَّعْنَا عَلَى أَنَّ النَّظَرَ لِلْوَاقِفِ فَهَذَا لِلْوَاقِفِ أَنْ يَعْزِلَهُ، وَكَذَلِكَ لِغَيْرِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ مِمَّنْ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>