للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ تَتَبَّعَ الْإِنْسَانُ آيَاتِ الْقُرْآنِ وَأَحَادِيثَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الدَّالَّةَ عَلَى ذَلِكَ لَبَلَغَتْ مَبْلَغًا عَظِيمًا وَلَا حَاجَةَ إلَى التَّطْوِيلِ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ بِالضَّرُورَةِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ عُلَمَاءُ الْإِسْلَامِ فِي أُمُورٍ أُخْرَى جُزْئِيَّةٍ تَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ مِنْهَا رُجُوعُ الرُّوحِ إلَى الْبَدَنِ بَعْدَ الدَّفْنِ وَقَدْ وَرَدَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ جَيِّدٌ فِي مُسْنَدِ الطَّيَالِسِيِّ وَغَيْرِهِ وَضَعَّفَهُ ابْنُ حَزْمٍ بِأَنَّ فِي سَنَدِهِ الْمِنْهَالَ بْنَ عَمْرٍو، وَهَذَا التَّضْعِيفُ غَيْرُ مَقْبُولٍ فَإِنَّ الْمِنْهَالَ أَخْرَجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمِنْهَا الْأَرْوَاحُ عِنْدَ أَقْبِيَةِ الْقُبُورِ وَإِنَّ أَرْوَاحَ الْمُؤْمِنِينَ فِي السَّمَاءِ وَأَرْوَاحُ الْكُفَّارِ تَحْتَ الْأَرْضِ وَقَدْ وَرَدَ فِي ذَلِكَ أَحَادِيثُ، وَمِنْهَا أَنَّ بَعْضَ الْأَرْوَاحِ هَلْ هِيَ الْآنَ فِي الْجَنَّةِ كَأَرْوَاحِ الْأَنْبِيَاءِ وَالشُّهَدَاءِ.

وَهَذِهِ مَسَائِلُ يَطُولُ النَّظَرُ فِيهَا وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعُ ذِكْرِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسْأَلْ عَنْهُ، وَمِنْهَا أَنَّ الْأَرْوَاحَ قَوْلُنَا بِبَقَائِهَا هَلْ يَحْصُلُ لَهَا عِنْدَ الْقِيَامَةِ فِنَاءٌ ثُمَّ تُعَادُ لِتُوَفَّى بِظَاهِرِ قَوْلِهِ {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} [الرحمن: ٢٦] أَوْ لَا بَلْ يَكُونُ هَذَا مُسْتَثْنًى؟ هَذَا لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا وَالْأَقْرَبُ أَنَّهَا لَا تَفْنَى وَأَنَّهَا مِنْ الْمُسْتَثْنَى كَمَا قِيلَ فِي الْحُورِ الْعِينِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. انْتَهَى.

[فَصْلٌ الْقَاضِي إذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ هَلْ لِنُوَّابِهِ أَنْ يَعْقِدُوا النِّكَاح]

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَضَرْت يَوْمَ الْجُمُعَةِ مُسْتَهَلَّ جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ ٧٣٤ بِخَانَقَاهُ سَعِيدَ السُّعَدَاءِ وَبِهَا جَمْعٌ مِنْ الْفُضَلَاءِ مِنْهُمْ شَيْخُ الشُّيُوخِ عَلَاءُ الدِّينِ الْقُونَوِيُّ وَجَلَالُ الدِّينِ الْخَطِيبُ حِينَ أُتِيَ بِهِ لِيُولَى قَضَاءَ الشَّامِ فَوَقَعَ الْبَحْثُ فِي مَسَائِلَ مُتَعَدِّدَةٍ وَانْجَرَّ الْكَلَامُ إلَى مَسْأَلَةِ إجْمَاعِ الْعَصْرِ الثَّانِي عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ الْعَصْرِ الْأَوَّلِ، فَنَقَلْت أَنَّ الْأَصَحَّ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يَكُونُ إجْمَاعًا بِخِلَافِ مَا هُوَ الْمُرَجَّحُ عِنْدَ الْإِمَامِ فَخْرِ الدِّينِ وَانْجَرَّ الْكَلَامُ أَيْضًا إلَى أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ هَلْ لِنُوَّابِهِ أَنْ يَعْقِدُوا عَقْدَ النِّكَاحِ فِي حَالِ إحْرَامِهِ، وَمَسْأَلَةُ امْتِنَاعِ انْعِقَادِ إجْمَاعِ أَهْلِ الْعَصْرِ الثَّانِي عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ الْعَصْرِ الْأَوَّلِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّ الرَّافِعِيَّ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْمَسْأَلَةِ الْأُولَى عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى إحْرَامِ الْوَلِيِّ، وَكُلٌّ مِنْ الْإِمَامِ وَالْآمِدِيِّ لَمْ يَنْقُلْ عَنْ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ شَيْئًا وَإِنَّمَا نَقَلَا عَنْ كَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَلَرُبَّمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>