[بَابُ الشَّرِكَةِ]
(مَسْأَلَةٌ) شَرِيكَانِ بَيْنَهُمَا سَوَاقٍ تُزْرَعُ صَيْفِيًّا وَشَتْوِيًّا وَبِهَا إنْشَاءَاتٌ أَذِنَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِشَرِيكِهِ أَنْ يَصْرِفَ مِنْ مَالِهِ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ السَّوَاقِي وَصَرَفَ الشَّرِيكُ الْمَأْذُونُ لَهُ مِنْ مَالِهِ مَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ شَرِيكُهُ عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ، ثُمَّ إنَّ الشَّرِيكَ الْآذِنَ وَضَعَ يَدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى السَّوَاقِي وَأَخَذَ مَا بِهَا مِنْ الْمُتَحَصِّلِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ وَأَخَذَ مَا بِهَا مِنْ الْأَبْقَارِ وَاسْتَعْمَلَهَا فِيمَا يَخْتَصُّ بِهِ فَتَلِفَ بَعْضُ الْبَقَرِ وَبَارَتْ الْأَرْضُ وَفَسَدَ مَا بِهَا مِنْ الزِّرَاعَةِ وَالْإِنْشَاءَاتِ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَمَاذَا يَلْزَمُهُ؟
(أَجَابَ) يَلْزَمُهُ ضَمَانُ حِصَّةِ الْمَأْذُونِ لَهُ مِنْ جَمِيعِ ذَلِكَ فِي التَّالِفِ بِبَدَلِهِ، وَالنَّاقِصِ بِأَرْشِهِ وَفِي الْبَائِرِ وَالْمُسْتَعْمَلِ بِأُجْرَتِهِ، وَيَلْزَمُهُ أَيْضًا حِصَّتُهُ مِمَّا صَرَفَهُ الْمَأْذُونُ بِإِذْنِهِ مِنْ ثَمَنٍ وَأُجْرَةٍ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى.
[بَابُ الْوَكَالَةِ]
(مَسْأَلَةٌ مِنْ دِمْيَاطَ فِي صَفَرَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ) رَجُلٌ وَكَّلَ وَكِيلًا أَنْ يَقْبِضَ لَهُ مَبْلَغَ جَرِيدِهِ، وَأَنْ يُعْطِيَ مِنْ جُمْلَتِهَا ثَمَانِيَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ لِشَخْصٍ يُسَمَّى غَازِي قِرَاضًا، ثُمَّ مَاتَ الْوَكِيلُ بَعْدَ قَبْضِ مَبْلَغِ الْجَرِيدَةِ فَاعْتَرَفَ الْمُوَكِّلُ أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ الثَّمَانِيَةَ لِلْمَذْكُورِ وَذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يُعْطِهِ سِوَى خَمْسَةِ آلَافٍ فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُوَكِّلِ بِبَقِيَّةِ الثَّمَانِيَةِ، أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ أَعْطَاهَا وَأَشْهَدَ وَتَعَذَّرَ مَعْرِفَةُ ذَلِكَ.
(أَجَابَ) الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّ الْوَكِيلَ مَا أَعْطَى، وَلَا نَظَرَ إلَى احْتِمَالِ إشْهَادٍ لَمْ يَثْبُتْ سَوَاءٌ أَقُلْنَا الْإِشْهَادُ وَاجِبٌ فِي ذَلِكَ أَمْ لَا كَمَا هُمَا وَجْهَانِ فِيمَا إذَا وَكَّلَهُ أَنْ يُودِعَ صَحَّحَ الْبَغَوِيِّ الْوُجُوبَ وَالْغَزَالِيُّ الْمَنْعَ. أَمَّا طَلَبُ الْمُوَكِّلِ أَخْذَهَا مِنْ التَّرِكَةِ فَشَرْطُهُ أَحَدُ أَمْرَيْنِ: إمَّا أَنْ يَدَّعِيَ سَبَبًا مُضَمِّنًا مِثْلُ كَوْنِهِ كَانَ يَخْلِطُهَا بِغَيْرِهَا، أَوْ مَرِضَ وَهِيَ عِنْدَهُ وَلَمْ يُوصِ بِهَا، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ فَيَنْتَقِلُ الْوَكِيلُ عَنْ حُكْمِ الْأَمَانَةِ إلَى الضَّمَانِ وَتُوَفَّى مِنْ تَرِكَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَإِمَّا أَنْ تُوجَدَ الثَّلَاثَةُ الْآلَافُ، أَوْ أَقَلُّ مِنْهَا فِي تَرِكَتِهِ مَفْرُوزًا غَيْرَ مُخْتَلِطٍ بِغَيْرِهِ وَيَحْلِفُ الْمُوَكِّلُ أَنَّهُ مَالُهُ بِعَيْنِهِ فَلَهُ أَخْذُهُ بَعْدَ ثُبُوتِ الْمُقَدِّمَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَفِيمَا سِوَى هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ أَمِينٌ، وَقَدْ تَكُونُ تَلِفَتْ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute