[تَرْجَمَة الْإِمَام تَقِيِّ الدِّينِ السُّبْكِيّ]
(تَرْجَمَةُ الْإِمَامِ تَقِيِّ الدِّينِ السُّبْكِيّ) هُوَ الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ الْحَافِظُ الْفَقِيهُ الْمُجْتَهِدُ النَّظَّارُ الْوَرِعُ الزَّاهِدُ قَاضِي الْقُضَاةِ تَقِيُّ الدِّينِ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْكَافِي السُّبْكِيُّ الْكَبِيرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
وُلِدَ بِسُبْكٍ - بِضَمٍّ فَسُكُونٍ - مِنْ قُرَى الْمَنُوفِيَّةِ بِمِصْرَ سَنَةَ ٦٨٣ هـ. تَفَقَّهَ عَلَى ابْنِ الرِّفْعَةِ، وَأَخَذَ التَّفْسِيرَ عَنْ الْعَلَمِ الْعِرَاقِيِّ، وَالْحَدِيثَ عَنْ الشَّرَفِ الدِّمْيَاطِيِّ، وَالْقِرَاءَاتِ عَنْ التَّقِيِّ الصَّائِغِ، وَالْأَصْلَيْنِ وَالْمَعْقُولَ عَنْ الْعَلَاءِ الْبَاجِيِّ، وَالْخِلَافَ وَالْمَنْطِقَ عَنْ السَّيْفِ الْبَغْدَادِيِّ، وَالنَّحْوَ عَنْ أَبِي حَيَّانَ. وَرَحَلَ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ إلَى الشَّامِ وَالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَالْحِجَاز وَسَمِعَ مِنْ شُيُوخهَا كَابْنِ الْمَوَازِينِيِّ وَابْنِ مُشَرَّفٍ وَابْنِ الصَّوَّافِ وَالرَّضِيِّ الطَّبَرِيِّ وَآخَرِينَ يَجْمَعُهُمْ مُعْجَمُهُ الَّذِي خَرَّجَهُ لَهُ الْحَافِظُ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ أَيْبَكَ فِي عِشْرِينَ جُزْءًا. قَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْمَحَاسِنِ الْحُسَيْنِيُّ فِي ذَيْلِ تَذْكِرَةِ الْحُفَّاظِ: عُنِيَ بِالْحَدِيثِ أَتَمَّ عِنَايَةٍ وَكَتَبَ بِخَطِّهِ الْمَلِيحِ الصَّحِيحِ الْمُتْقَنِ شَيْئًا كَثِيرًا مِنْ سَائِرِ عُلُومِ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ مِمَّنْ طَبَّقَ الْمَمَالِكَ ذِكْرُهُ وَلَمْ يَخْفَ عَلَى أَحَدٍ عَرَفَ أَخْبَارَ النَّاسِ أَمْرُهُ، وَسَارَتْ بِتَصَانِيفِهِ وَفَتَاوِيهِ الرُّكْبَانُ فِي أَقْطَارِ الْبُلْدَانِ، وَكَانَ مِمَّنْ جَمَعَ فُنُونَ الْعِلْمِ مَعَ الزُّهْدِ وَالْوَرَعِ وَالْعِبَادَةِ الْكَثِيرَةِ وَالتِّلَاوَةِ وَالشَّجَاعَةِ وَالشِّدَّةِ فِي دِينِهِ. اهـ.
وَقَالَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ فِي ذَيْلِ تَذْكِرَةِ الْحُفَّاظِ وَغَيْرِهِ: أَقْبَلَ عَلَى التَّصْنِيفِ وَالْفُتْيَا وَصَنَّفَ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ وَخَمْسِينَ مُصَنَّفًا، وَتَصَانِيفُهُ تَدُلُّ عَلَى تَبَحُّرِهِ فِي الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ وَسَعَةِ بَاعِهِ فِي الْعُلُومِ، وَتَخَرَّجَ بِهِ فُضَلَاءُ الْعَصْرِ، وَكَانَ مُحَقِّقًا مُدَقِّقًا نَظَّارًا جَدَلِيًّا بَارِعًا فِي الْعُلُومِ، لَهُ فِي الْفِقْهِ وَغَيْرِهِ الِاسْتِنْبَاطَاتُ الْجَلِيلَةُ وَالدَّقَائِقُ اللَّطِيفَةُ وَالْقَوَاعِدُ الْمُحَرَّرَةُ الَّتِي لَمْ يُسْبَقْ إلَيْهَا، وَكَانَ مُنْصِفًا فِي الْبَحْثِ عَلَى قَدَمٍ مِنْ الصَّلَاحِ وَالْعَفَافِ، وَمُصَنَّفَاتُهُ مَا بَيْنَ مُطَوَّلٍ وَمُخْتَصَرٍ، وَالْمُخْتَصَرُ مِنْهَا لَا بُدَّ وَأَنْ يَشْتَمِلَ عَلَى مَا لَا يُوجَدُ فِي غَيْرِهِ مِنْ تَحْقِيقٍ وَتَحْرِيرٍ لِقَاعِدَةٍ وَاسْتِنْبَاطٍ وَتَدْقِيقٍ اهـ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute