للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفَاسِدِ بَلْ الصَّوَابُ الْقَطْعُ بِوُجُوبِ مَهْرِ الْمِثْلِ فِي الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْحُرِّ وَالْمَغْصُوبِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَصْحَابُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِوُجُوبِ الْبَدَلِ دَلِيلًا صَحِيحًا وَلَا مُخَيَّلًا فَمِنْ ضَعْفِ الْقَوْلِ جَاءَ ضَعْفُ مَا فُرِّعَ عَلَيْهِ وَالضَّعِيفُ كُلَّمَا فُرِّعَ عَلَيْهِ ظَهَرَ ضَعْفُهُ وَرُبَّمَا يُؤَدِّي إلَى شَيْءٍ لَا يَلْتَزِمُهُ صَاحِبُ ذَلِكَ الْقَوْلِ، وَتَبَيَّنَ لَنَا بِذَلِكَ ضَعْفُهُ فَإِنَّا إذَا عَرَفْنَا أَنَّهُ لَازِمٌ لِلْقَوْلِ وَعَرَفْنَا أَنَّ أَحَدًا لَا يَقُولُ بِهِ عَلِمْنَا أَنَّ قَائِلَهُ لَوْ تَنَبَّهَ لِذَلِكَ لَرَجَعَ عَنْ الْقَوْلِ فَلِذَلِكَ لَا يَنْبَغِي كُلُّ مَا اقْتَضَتْهُ الْأَقْوَالُ الضَّعِيفَةُ مِنْ التَّفْرِيعِ يُقَالُ بِهِ حَتَّى تُلَاحَظَ قَوَاعِدُ الشَّرْعِ وَالْفِقْهِ فَإِنْ شَهِدَتْ بِبُطْلَانِهِ كَفَفْنَا عَنْ ذَلِكَ التَّفْرِيعِ لِئَلَّا نَرْتَكِبَ خَرْقَ الْإِجْمَاعِ، ثُمَّ نَنْظُرُ إنْ كَانَ لُزُومُ ذَلِكَ الْقَوْلِ ضَرُورِيًّا أَبْطَلْنَا الْقَوْلَ وَإِلَّا أَبْقَيْنَاهُ وَتَرَكْنَا تَفْرِيعَ ذَلِكَ الْفَرْعِ عَلَيْهِ وَتَأَمَّلْنَا مَا يَنْدَفِعُ بِهِ اللُّزُومُ أَوْ تِلْكَ الْقَوَاعِدُ وَأَمَّا ارْتِكَابُ كُلِّ تَفْرِيعٍ لِكُلِّ قَوْلٍ فَلَا يَرْتَضِيه مُحَصِّلٌ.

وَمِنْ تَمَامِ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: بِعْتُك هَذَا الْعَبْدَ وَشَيْئًا قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ مَثَلًا يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ الْعَقْدُ عَلَى قَوْلِنَا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ مَا ضُمَّ إلَيْهِ قَدْ عُلِمَتْ وَإِنْ لَمْ تُعْلَمْ عَيْنُهُ، وَلَوْ نَكَحَهَا عَلَى شَيْءٍ قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ مَثَلًا، وَقُلْنَا: إذَا نَكَحَهَا بِمَغْصُوبٍ وَجَبَتْ قِيمَتُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ. كَتَبَ فِي يَوْمِ الْأَحَدِ عَاشِرِ شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخِرِ سَنَةَ إحْدَى وَثَلَاثِينَ وَسَبْعِمِائَةِ. انْتَهَى.

[مَسْأَلَةٌ الْمَنْكُوحَة إنْ كَانَ الْعَيْبُ بِهَا وَفَسَخَ الزَّوْجُ قَبْلَ الْمَسِيسِ]

قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي النِّهَايَةِ فِي بَابِ الْعَيْبِ فِي الْمَنْكُوحَةِ إنْ كَانَ الْعَيْبُ بِهَا وَفَسَخَ الزَّوْجُ قَبْلَ الْمَسِيسِ سَقَطَ الْمَهْرُ وَلَيْسَ كَمَا لَوْ ارْتَدَّ قَبْلَ الْمَسِيسِ فَإِنَّا نَقْضِي بِالشَّطْرِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْمَسِيسِ نَصُّ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْمُسَمَّى يَسْقُطُ وَيَثْبُتُ مَهْرُ الْمِثْلِ.

وَخَرَّجَ قَوْلَ: إنَّهُ لَا يَسْقُطُ إذَا فُسِخَتْ بِعَيْبِهِ فَقَبْلَ الْمَسِيسِ يَسْقُطُ وَبَعْدَهُ عَلَى الْمَنْصُوصِ وَالْمَخْرَجِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَخْتَلِجَ فِي نَفْسِ الْفَقِيهِ أَنَّهُ إذَا سَقَطَ بِفَسْخِهَا قَبْلَ الْمَسِيسِ فَقِيَاسُهُ أَنْ يَشْطُرَ بِفَسْخِهِ اعْتِبَارًا بِالرِّدَّةِ وَإِنْ كَانَ فَسْخُ الزَّوْجِ لَا شَطْرَ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ لِعَيْبِهَا فَتُعْذَرُ الْمَرْأَةُ إذَا فَسَخَتْ لِعَيْبِهِ.

وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ فَسْخِهِ وَفَسْخِهَا وَالسَّبَبُ أَنَّ مَسْقَطَ الْمَهْرِ إسْنَادُ الْعَيْبِ إلَى الْعَقْدِ وَلَيْسَ هَذَا مَأْخُوذًا مِنْ مَأْخَذِ الرِّدَّةِ فَإِنَّ الرِّدَّةَ قَاطِعٌ جَدِيدٌ ثُمَّ رَأَى الْفُقَهَاءُ الْفَرْقَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>