للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْغَازِي عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نَسِيِّ قَالَ كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إلَى أَبِي عُبَيْدَةَ " أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ نِسَاءً يَدْخُلْنَ الْحَمَّامَاتِ مَعَهُنَّ نِسَاءُ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَامْنَعْ ذَلِكَ وَحِلَّ دُونَهُ. قَالَ ثُمَّ إنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ قَامَ فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ مُبْتَهِلًا اللَّهُمَّ أَيُّمَا امْرَأَةٍ تَدْخُلُ الْحَمَّامَ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ وَلَا سَقَمٍ تُرِيدُ الْبَيَاضَ لِوَجْهِهَا فَسَوِّدْ وَجْهَهَا يَوْمَ تَبْيَضُّ الْوُجُوهُ " وَقَوْلُهُ (أَيْمَانُهُنَّ) اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي ذَلِكَ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ أَوْ مَمَالِيكُهُنَّ فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ عَلَيْهَا أَنْ تُظْهِرَ لَهُمْ مِنْ زِينَتِهَا مَا تُظْهِرُ لِهَؤُلَاءِ، ذَكَرَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ ثنا حَجَّاجٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ مُخْلَدٍ التَّمِيمِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} [النور: ٣١] قَالَ فِي الْقِرَاءَةِ الْأُولَى (أَيْمَانُكُمْ) وَقَالَ آخَرُونَ بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} [النور: ٣١] مِنْ إمَاءِ الْمُشْرِكِينَ كَمَا قَدْ ذَكَرْنَا عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَبْلُ مِنْ أَنَّهُ لَمَّا قَالَ {أَوْ نِسَائِهِنَّ} [النور: ٣١] عُنِيَ بِهِنَّ نِسَاءُ الْمُسْلِمَاتِ دُونَ الْمُشْرِكَاتِ ثُمَّ قَالَ (أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ) مِنْ الْإِمَاءِ الْمُشْرِكَاتِ. هَذَا كَلَامُ ابْنِ جُرَيْجٍ فِي تَفْسِيرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. انْتَهَى.

[قَوْله تَعَالَى وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُد وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا]

(آيَةٌ أُخْرَى) قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهُوَ ابْتِدَاءُ دَرْسٍ عَمِلَهُ لِوَلَدِهِ الشَّيْخِ بَهَاءِ الدِّينِ عُمْدَةِ الْمُحَقِّقِينَ أَبِي حَامِدٍ أَحْمَدَ دَرَّسَ بِهِ فِي الْمَدْرَسَةِ الْمَنْصُورِيَّةِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ الْخَمِيسِ رَابِعَ عَشْرَ جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ وَأَلْقَاهُ الْعَلَّامَةُ بِحُضُورِ وَالِدِهِ الشَّيْخِ الْإِمَامِ قَوْله تَعَالَى {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ} [النمل: ١٥] الْكَلَامُ عَلَيْهَا مِنْ وُجُوهٍ أَحَدُهَا إنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ الثَّانِيَةَ مِنْ الْقِصَصِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ الَّتِي هِيَ - أَعْنِي الْقِصَصَ الْمَذْكُورَةَ - بَيَانٌ لِقَوْلِهِ {وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ} [النمل: ٦] وَمِنْ حِكْمَتِهِ وَعِلْمِهِ مَا اتَّفَقَ فِي هَذِهِ الْقِصَصِ وَمَا آتَاهُ لِمَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام: ١٢٤] وَلَمَّا كَانَ مُوسَى وَدَاوُد وَسُلَيْمَانُ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ - وَمُوسَى مِنْ أَوْلَادِ لَاوَى بْنِ يَعْقُوبَ وَهُوَ إسْرَائِيلُ؛ ذَكَرَ الْقِصَّتَيْنِ مُتَجَاوِرَتَيْنِ، وَقَدَّمَ الْقِصَّةَ الْمُتَقَدِّمَةَ فِي الزَّمَانِ وَهِيَ قِصَّةُ مُوسَى ثُمَّ تَلَاهَا بِهَذِهِ وَقَدْ اشْتَرَكَتَا فِيمَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَى بَنِي إسْرَائِيلَ مِنْ نَصْرِهِمْ وَاسْتِنْقَاذِهِمْ مِنْ يَدِ عَدُوِّهِمْ فِرْعَوْنَ وَإِهْلَاكِهِ وَذَهَابِ مُلْكِهِ، وَاسْتِخْلَافِهِمْ مِنْ بَعْدِهِ وَتَوْرِيثِهِمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>