للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِ بَعْدَ الْعَتَاقَةِ إذَا أُعْتِقَ أَبُوهُ جَرَّ الْوَلَاءَ.

قَالَ مَالِكٌ فِي الْعَبْدِ يَسْتَأْذِنُ سَيِّدَهُ أَنْ يُعْتِقَ عَبْدًا لَهُ فَأَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ قَالَ: وَلَاءُ الْمُعْتَقِ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ لَا يَرْجِعُ وَلَاؤُهُ لِسَيِّدِهِ الَّذِي أَعْتَقَهُ، وَإِنْ أُعْتِقَ. انْتَهَى.

وَقَدْ ذَكَرَ أَصْحَابُنَا فِي جَرِّ الْوَلَاءِ وَأَحْكَامِهِ صُوَرًا وَفُرُوعًا لَا تَنْحَصِرُ وَفِيهَا دَقَائِقُ لَا ضَرُورَةَ إلَى ذِكْرُهَا هُنَا وَهِيَ مُقَرَّرَةٌ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ.

[الْفَصْلُ الثَّالِثُ الْوَلَاء لَا يُوَرَّثُ بِهِ]

الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي أَنَّ الْوَلَاءَ لَا يُوَرَّثُ بِهِ وَلَا يُوَرَّثُ وَكَوْنُهُ لَا يُوصَفُ بِالِانْتِقَالِ وَكَوْنُهُ يَنْتَشِرُ فِي جَمِيعِ الْعَصَبَاتِ يُقَدَّمُ أَقْرَبُهُمْ إلَى الْمُعْتِقِ فِي أَحْكَامِهِ وَثُبُوتِهَا لِلْأَبْعَدِ مِنْهُمْ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْأَقْرَبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، كُلُّ ذَلِكَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» وَبَيَانُ ذَلِكَ فِي مَسَائِلَ:

(إحْدَاهَا) فِي كَوْنِهِ لَا يُوَرَّثُ وَقَدْ اتَّفَقَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى ذَلِكَ وَلَا خِلَافَ عِنْدَنَا فِيهِ، وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَزَيْدٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَابْنِ عُمَرَ وَأَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ وَالشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَالزُّهْرِيُّ وَقَتَادَةُ وَأَبُو الزِّنَادِ وَالشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُد، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ، وَحَكَى الْحَنَابِلَةُ ذَلِكَ عَنْ طَاوُسٍ أَيْضًا، وَشَذَّ شُرَيْحٌ فَقَالَ: الْوَلَاءُ كَالْمَالِ يُورَثُ عَنْ الْمُعْتِقِ فَمَنْ مَلَكَ شَيْئًا حَيَاتَهُ فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ، وَحَكَى الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَغَيْرُهُ ذَلِكَ عَنْ طَاوُسٍ أَيْضًا، وَنَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ الزُّبَيْرِ يَعْنِي ابْنَ الْعَوَّامِ، وَرَوَى حَنْبَلٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ عَنْ أَحْمَدَ وَغَلَّطَهُمَا أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ وَإِلْحَاقِهِ بِالنَّسَبِ.

(الثَّانِيَةُ) يُرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُنْقَلُ أَصْلًا بِعِوَضٍ وَلَا بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَقَدْ صَحَّ فِي الصَّحِيحَيْنِ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَعَنْ هِبَتِهِ» ، وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ عُمَرُ وَعَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَطَاوُسٌ وَإِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَالزُّهْرِيُّ وَالْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ.

وَرَوَى سَعِيدٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَنَّ مَيْمُونَةَ وَهَبَتْ وَلَاءَ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ لِابْنِ عَبَّاسٍ وَكَانَ مُكَاتِبًا مَوَالِيهَا وَأَنَّ عُرْوَةَ ابْتَاعَ وَلَاءَ سُلَيْمَانَ لِوَرَثَةِ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ.

وَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>