الْمُحَالُ عَلَيْهِ بِمَا قَبَضَ الْمُحْتَالُ مِنْهُ مِنْ ذَلِكَ، وَيَبْرَأُ الْمُحِيلُ مِنْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى
[بَابُ الصُّلْحِ]
(بَابُ الصُّلْحِ) قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ " مَسْأَلَةُ ضَعْ، وَتَعَجَّلْ "، وَمَعْنَاهَا أَنْ يَكُونَ لِرَجُلٍ عَلَى آخَرَ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ فَيَقُولُ الْمَدْيُونُ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ: ضَعْ بَعْضَ دَيْنِك، وَتَعَجَّلْ الْبَاقِيَ، أَوْ يَقُولُ صَاحِبُ الدَّيْنِ لِلْمَدْيُونِ: عَجِّلْ لِي بَعْضَهُ، وَأَضَعُ عَنْك بَاقِيَهُ، وَذَلِكَ إمَّا أَنْ يَكُونَ فِي دَيْنِ الْكِتَابَةِ، وَإِمَّا فِي مَا سِوَاهُ مِنْ الْمَدْيُونِ، فَإِنْ كَانَ فِيمَا سِوَى دَيْنِ الْكِتَابَةِ مِنْ الدُّيُونِ قَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هُوَ بَاطِلٌ مُطْلَقًا سَوَاءً جَرَى بِشَرْطٍ أَمْ بِغَيْرِ شَرْطٍ لِلتُّهْمَةِ، وَذَلِكَ قَاعِدَةُ مَذْهَبِهِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: إنْ جَرَى شَرْطٌ بَطَلَ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ بَلْ عَجَّلَ بِغَيْرِ شَرْطٍ، وَأَبْرَأَ الْآخَرَ، وَطَابَتْ بِذَلِكَ نَفْسُ كُلٍّ مِنْهُمَا فَهُوَ جَائِزٌ، وَهَذَا مَذْهَبُنَا، وَالشَّرْطُ الْمُبْطِلُ هُوَ الْمُقَارَنُ فَلَوْ تَقَدَّمَ لَمْ يَبْطُلْ صَرَّحَ بِهِ الْجُورِيُّ هُنَا، وَهُوَ مُقْتَضَى تَصْرِيحِ جَمِيعِ الْأَصْحَابِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ؛ وَقَدْ رُوِيت آثَارٌ فِي الْإِبَاحَةِ، وَالتَّحْرِيمِ يُمْكِنُ تَنْزِيلُهَا عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ التَّفْصِيلِ، فَأَمَّا التَّحْرِيمُ فَرُوِيَ عَنْ «الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ قَالَ أَسْلَفْت رَجُلًا مِائَةَ دِينَارٍ ثُمَّ خَرَجَ سَهْمِي فِي بَعْثٍ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْت لَهُ: عَجِّلْ لِي تِسْعِينَ دِينَارًا، وَأَحُطُّ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ فَقَالَ: نَعَمْ فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: أَكَلْت رِبَا مِقْدَادٍ، وَأَطْعَمْته» . رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، وَصَحَّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَأَلَ عَنْ رَجُلٍ يَكُونُ لَهُ الدَّيْنُ عَلَى رَجُلٍ إلَى أَجَلٍ فَيَضَعُ عَنْهُ صَاحِبُهُ، وَيُعَجِّلُ الْآخَرُ فَكَرِهَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ، وَنَهَى عَنْهُ، وَصَحَّ عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قُلْت لِرَجُلٍ عَلَى دَيْنٍ فَقَالَ لِي عَجِّلْ، وَأَضَعُ عَنْك فَنَهَانِي عَنْهُ، وَقَالَ: نَهَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يَعْنِي عُمَرَ أَنْ نَبِيعَ الْعَيْنَ بِالدَّيْنِ، وَصَحَّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ مَوْلَى السَّفَّاحِ، وَاسْمُهُ عُبَيْدٌ قَالَ: بِعْت بُرًّا مِنْ أَهْلِ السُّوقِ إلَى أَجَلٍ ثُمَّ أَرَدْت الْخُرُوجَ إلَى الْكُوفَةِ فَعَرَضُوا عَلَيَّ أَنْ أَضَعَ عَنْهُمْ، وَيَنْقُدُونِي فَسَأَلَتْ عَنْ ذَلِكَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَقَالَ: لَا آمُرُك أَنْ تَأْكُلَ هَذَا، وَلَا تُوَكِّلْهُ. رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ.
، أَمَّا الْإِبَاحَةُ فَصَحَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ تَقُولَ: أُعَجِّلُ لَك، وَتَضَعُ عَنِّي، وَعَنْهُ قَالَ: لَمَّا «أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِخْرَاجِ بَنِي النَّضِيرِ مِنْ الْمَدِينَةِ جَاءَهُ نَاسٌ مِنْهُمْ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّك أَمَرْت بِإِخْرَاجِهِمْ، وَلَهُمْ عَلَى النَّاسِ دُيُونٌ لَمْ تَحِلَّ فَقَالَ النَّبِيُّ: ضَعُوا، أَوْ تَعَجَّلُوا» ضَعَّفَهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَغَيْرُهُ.
وَقَالَ الْحَاكِمُ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ. وَأَصْحَابُنَا يَحْمِلُونَ اخْتِلَافَ الْآثَارِ فِي ذَلِكَ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute