مَسْأَلَةٌ) رَجُلٌ زَوَّجَ ابْنَتَهُ، وَجَهَّزَهَا، وَهِيَ تَحْتَ حَجْرِهِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَسْتَرْجِعَ ذَلِكَ الْقُمَاشَ بِحُكْمِ أَنَّهُ دَفَعَهُ إلَيْهَا لِتَتَجَمَّلَ بِهِ لَا عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ فَقَالَتْ هِيَ إنَّهُ لِأُمِّي فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُهَا، أَوْ قَوْلُهُ؟ . (أَجَابَ) أَمَّا قَوْلُهَا، وَهِيَ مَحْجُورٌ عَلَيْهَا: إنَّهُ لِأُمِّي فَلَا يُسْمَعُ، أَمَّا قَوْلُ الْأَبِ إنَّهُ دَفَعَهُ لَهَا لِتَتَجَمَّلَ بِهِ لَا عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ، فَإِنْ كَانَ ثَبَتَ أَنَّهُ دَفَعَهُ لَهَا، وَلَمْ يَتَقَدَّمْ مِنْهُ قَوْلٌ أَنَّهُ جِهَازُهَا، وَلَا مَا فِي مَعْنَاهُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى مِلْكِهَا، وَلَا بَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لَهَا، أَوْ بِمَالِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ
وَإِنْ صَدَرَ مِنْهُ قَوْلٌ يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، أَوْ إقَامَةُ بَيِّنَةٍ لَمْ يُسْمَعْ، وَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ أَنَّهُ دَفَعَهُ لَهَا بَلْ أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ فِي يَدِهَا مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ أَنَّهُ مِلْكُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّ الْيَدَ لَهَا، وَالْيَدُ تَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ فَلَا يُسْمَعُ مَا يُخَالِفُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى.
[بَابُ التَّفْلِيسِ]
(بَابُ التَّفْلِيسِ) (مَسْأَلَةٌ) وَصِيٌّ تَحْتَ يَدِهِ لِيَتِيمٍ تِسْعَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ تَسَلَّمَهَا مِنْ دِيوَانِ الْأَيْتَامِ فَمَاتَ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، وَلَمْ يُوجَدْ عِنْدَهُ إلَّا دَرَاهِمُ يَسِيرَةٌ، وَفِرَاءٌ، وَدَارٌ مَجْمُوعُ ذَلِكَ أَحْرَزَ أَحَدَ عَشَرَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَعَلَيْهِ لِلْيَتِيمِ التِّسْعَةُ الْمَذْكُورَةُ، وَلِجَمَاعَةٍ غَيْرِهِ نَحْوُ سِتَّةِ آلَافِ دِرْهَمٍ فَمَا الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ) يُقَدَّمُ الْيَتِيمُ بِمَا وَجَدَ مِنْ الدَّرَاهِمِ، وَبِمَا يَثْبُتُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بَعْدَ تَسَلُّمِ دَرَاهِمِهِ مِمَّا لَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهُ لَهُ، وَيَشْتَرِكُ هُوَ، وَبَقِيَّةُ الْمُدَايِنِينَ فِي بَقِيَّةِ الْمَوْجُودِ، وَإِنَّمَا قُلْت ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الَّذِي اشْتَرَاهُ بَعْدَ تَسَلُّمِهِ دَرَاهِمَ الْيَتِيمِ إنْ كَانَ لِلْيَتِيمِ فَظَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ بِمَالِ الْيَتِيمِ فَقَدْ فَسَقَ فَلَا يَصِحُّ الشِّرَاءُ فَيَكُونُ بَاقِيًا عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ، وَالثَّمَنُ الَّذِي قَبَضَهُ الْبَائِعُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْيَتِيمِ فَيَأْخُذُهُ، وَلِيُّ الْيَتِيمِ بِطَرِيقِ الظَّفَرِ، فَإِنْ حَلَّفَ تِلْكَ الْبَائِعُ، وَهِيَ الْأَعْيَانُ الْمَذْكُورَةُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ ثُمَّ، وَجَدْت الثَّمَنَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ فَيَكُونُ الْوَاضِحُ لِنَفْسِهِ ثُمَّ فَسَقَ بَعْدَ ذَلِكَ فَتَكُونُ الْأَعْيَانُ لِلْمَيِّتِ، وَلِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ عَنْهَا؛ لِأَنَّ الَّذِي قَبَضَهُ لَمْ يَصِحَّ قَبْضُهُ، وَهُوَ لِلْيَتِيمِ عَلَيْهِ فَهُوَ غَرِيمُ الْغَرِيمِ فَيَقُومُ الْيَتِيمُ مَقَامَهُ فِي الرُّجُوعِ لِيَتَوَصَّلَ إلَى قَبْضِ حَقِّهِ مِنْهُ فَيَثْبُتُ تَقَدُّمُ الْيَتِيمِ بِذَلِكَ عَلَى التَّقَادِيرِ الثَّلَاثَةِ
وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: الْمَيِّتُ يَصْرِفُ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ، وَاشْتِرَاءُ الْأَعْيَانِ لِنَفْسِهِ، وَوَزْنُ ثَمَنِهَا مِنْ مَالِهِ فَتَسَاوَى هُوَ، وَبَقِيَّةُ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِسْقٌ، وَحَمْلُ الْوَصِيِّ عَلَى الْأَمَانَةِ مَا أَمْكَنَ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الْخِيَانَةِ، وَلَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ بِأَنَّ مَالَ الْيَتِيمِ تَلِفَ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ فَلَا يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ ظَاهِرَ كَلَامِ الْإِمَامِ وَالرَّافِعِيِّ لِأَنِّي إنَّمَا تَكَلَّمْت تَفْرِيعًا عَلَى مَا قَرَّرْته
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute