الْمُطْلَقِ لَكِنَّ هِيَ شَهَادَةٌ بِمِلْكٍ حَالَ التَّنَازُعِ يَحْكُمُ بِهِ الْقَاضِي حِينَئِذٍ مُسْتَنِدًا إلَى تِلْكَ الشَّهَادَةِ فَلَمْ يَحْكُمْ بِغَيْرِ مُسْتَنَدٍ حَاضِرٍ بِخِلَافِ الْكِتَابِ الْقَدِيمِ الَّذِي لَا يُعْرَفُ حَالُهُ الْآنَ هَلْ تَغَيَّرَ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ، أَوْ لَا فَفِيهِ هَذَا النَّظَرُ فَإِنَّ شُهُودَ الْمَكْتُوبِ يَقُولُونَ لِصَاحِبِ الْيَدِ: مَا شَهِدْنَا عَلَيْك بِشَيْءٍ، وَإِنَّمَا شَهِدْنَا فِي كِتَابٍ عَلَى قَاضٍ لَا نَعْرِفُ مِنْ أَمْرِهِ غَيْرَ ذَلِكَ، وَذَلِكَ الْقَاضِي أَيْضًا لَمْ يَقْضِ عَلَى هَذَا بِشَيْءٍ.
(مَسْأَلَةٌ) قَالَ سَيِّدُنَا قَاضِي الْقُضَاةِ خَطِيبُ الْخُطَبَاءِ تَاجُ الدِّينِ أَبُو نَصْرٍ عَبْدُ الْوَهَّابِ فَسَّحَ اللَّهُ فِي مُدَّتِهِ سَأَلَ وَالِدِي عَنْ أَيْتَامٍ لَهُمْ حُجَجٌ تَرَشَّدَ أَحَدُهُمْ فَأَعْطَاهُ الْحَاكِمُ بَعْضَ الْحُجَجِ، وَتَرَكَ بَعْضَهَا لِبَقِيَّةِ الْأَيْتَامِ، ثُمَّ تَحَاكَمَ الرَّشِيدُ الْمَذْكُورُ مَعَ غَرِيمٍ عَلَيْهِ حُجَّةٌ لِلْأَيْتَامِ فِي مُعَامَلَةٍ بَيْنَهُمَا، وَاصْطَلَحَا، وَكَتَبَ بَيْنَهُمَا مُبَارَأَةً أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ دَعْوَى، وَلَا حَقًّا بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ ثُمَّ إنَّ الْغَرِيمَ الْمَذْكُورَ لَمْ يَدْفَعْ إلَى الْأَيْتَامِ إلَّا قَدْرَ نَصِيبِهِمْ، وَادَّعَى الْبَرَاءَةَ مِنْ نَصِيبِ الرَّشِيدِ فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَى الرَّشِيدِ بِنَصِيبِهِ مِنْ الْحُجَّةِ، وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدَ ذَلِكَ، وَيَكُونُ اعْتِقَادُهُ صِحَّةَ قَسْمِ الْحُجَجِ عُذْرًا فِي قَبُولِ دَعْوَاهُ، وَتَصْدِيقِهِ بِيَمِينِهِ، أَوْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ لِتَحْلِيفِ الْخَصْمِ فَقَطْ.
(أَجَابَ) تَغَمَّدَهُ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ إذَا كَانَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ هَذَا الْحُكْمُ، وَيَعْتَقِدُ صِحَّةَ قَسْمِهِ كَانَ ذَلِكَ عُذْرًا فِي سَمَاعِ دَعْوَاهُ، وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ لِاجْتِمَاعِ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا الْعُذْرُ الظَّاهِرُ، وَالثَّانِي عُمُومُ اللَّفْظِ فِي الْإِبْرَاءِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ نَصًّا فِي الْمُدَّعَى بِهِ بِخِلَافِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي نَقُولُ تُسْمَعُ الدَّعْوَى لِلتَّحْلِيفِ فِيهَا فَقَطْ فَإِنَّهُ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا إلَّا أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(مَسْأَلَةٌ) مَالُ أَيْتَامٍ تَحْتَ نَظَرِ حَاكِمٍ عَجَّلَ الْحَاكِمُ زَكَاتَهُ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهَا مِمَّا كَانَ تَحْتَ يَدِ أَمِينِ الْحَاكِمِ بِإِذْنِهِ بِأَوْرَاقِهِ ثُمَّ انْصَرَفَ الْحَاكِمُ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهَا، وَتَوَلَّى بَعْدَهُ حَاكِمٌ ثَانٍ صَرَفَ مِنْ الْمَالِ مَا اُسْتُحِقَّ عَلَيْهِ مِنْ الزَّكَاةِ، وَطَلَبَ أَمِينَ الْحَاكِمِ بِمَا صَرَفَهُ الْحَاكِمُ الْأَوَّلُ فَهَلْ يَلْزَمُ الْحَاكِمَ الْأَوَّلَ، أَوْ أَمِينَ الْحُكْمِ، أَوْ يَلْزَمُ الْحَاكِمَ الثَّانِيَ أَمْ يَعْتَدُّ بِمَا صَرَفَهُ الْأَوَّلُ. (أَجَابَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَيْسَ لِلْحَاكِمِ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ، وَإِذَا عَجَّلَ ضَمِنَ، وَاَلَّذِي فَعَلَهُ الْحَاكِمُ الثَّانِي صَوَابٌ فَإِنَّ الصَّرْفَ الْأَوَّلَ لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ فَلَا يُعْتَدُّ بِهِ عَنْ الزَّكَاةِ، وَيَبْقَى دَيْنًا عَلَى قَابِضِهِ يُضَمُّ إلَى بَقِيَّةِ مَالِ الْيَتِيمِ عَلَى زَكَاةِ الدَّيْنِ، وَيَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ الْأَوَّلِ اسْتِرْجَاعُهُ إمَّا مِنْ الْحَاكِمِ الْأَوَّلِ، وَإِمَّا مِنْ أَمِينِ الْحُكْمِ إنْ عَلِمَ صُورَةَ الْحَالِ، وَقَدَرَ عَلَى الْمَنْعِ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ الصَّرْفَ عَلَى تِلْكَ الصُّورَةِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَيَخْتَصُّ الرُّجُوعُ بِالْحَاكِمِ، وَالْقَابِضِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute