فَجَازَ أَنْ يَعْتَقِدُوا مَا لَيْسَ بِسَبَبٍ سَبَبًا، وَعِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَنْ يَكُونُوا اعْتَمَدُوا ظَاهِرًا مُتَقَدِّمًا، وَحَكَمَ الْقَاضِي بِخِلَافِهِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ حَكَمَ حَيْثُ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِالْمِلْكِ مُطْلَقَةً، وَيَنْبَغِي أَنْ يُضَافَ إلَيْهَا الْيَمِينُ كَمَا نُقِلَ عَنْ نَصِّهِ فِي الْفَرْعِ الْمُتَقَدِّمِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ نَقُولَ بِأَنَّ التَّحْلِيفَ إنَّمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِيمَا إذَا شَهِدْت بِالْمِلْكِ أَمْسِ، وَقَالَتْ: لَا نَعْلَمُ لَهُ مُزِيلًا، وَهُوَ أَضْعَفُ مِنْ شَهَادَتِهَا بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ فِي الْحَالِ فَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ أَنَّهُ يُحَلَّفُ فَتَنْفَعُ بَيِّنَتُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
نَعَمْ إذَا لَمْ يَشْهَدُوا بِالْمِلْكِ فِي الْحَالِ لَكِنْ شَهِدُوا فِي كِتَابٍ بِتَقْدِيمِ التَّارِيخِ فِيهِ ثُبُوتٌ بِالْبَيِّنَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ مَعَهَا؛ لِأَنَّهُ قِيَاسُ الْفَرْعِ الْمَذْكُورِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: لَا نَزْعَ أَصْلًا بِهَذَا الْكِتَابِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي الْبَيِّنَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْفَرْعِ مَعَ الْيَمِينِ حُجَّةً حَاضِرَةً الْآنَ أَمَّا الْكِتَابُ الْمُتَقَدِّمُ فَالْحُكْمُ بِهِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ قَائِمَةٍ الْآنَ، وَالْعَمَلُ عَلَى خِلَافِ هَذَا، وَالنَّاسُ لَا يَزَالُونَ يَعْتَمِدُونَ عَلَى الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَهَا أَنَا أَكْشِفُ لَعَلِّي أَجِدُ مُسْتَنَدًا لَهُ، أَوْ بِخِلَافِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الشَّهَادَةَ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ إذَا سَمِعْنَاهَا إنَّمَا نَسْمَعُهَا إذَا كَانَ مَعَهَا يَدٌ، وَلَا تُنْزَعُ بِهَا الْيَدُ إلَّا إنْ شَهِدَتْ أَنَّ صَاحِبَ الْيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ غَصَبَهَا مِنْ الْمُدَّعِي، أَوْ تُضَمُّ إلَى شَهَادَتِهَا بِالْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي يَدًا مُتَقَدِّمَةً لَكِنْ هَذَا يُخَالِفُ إطْلَاقَهُمْ فِي بَابِ تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُخَصَّصَ ذَلِكَ الْإِطْلَاقُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ أَحَدٍ كَقَوْلِهِمْ: إنَّ الْمُرَجِّحَاتِ الْيَدُ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ بَيِّنَةَ الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ لَوْ انْفَرَدَتْ عَنْ الْمُعَارَضَةِ مَعَ الْيَدِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ عُمِلَ بِهَا، وَلَعَلَّ مُسْتَنَدَهُ أَنَّ دَلَالَتَهَا أَقْوَى مِنْ دَلَالَةِ الْيَدِ الْمُجَرَّدَةِ؛ لِأَنَّهَا تَعْتَمِدُ أُمُورًا كَثِيرَةً مَعَهَا قَرَائِنُ اقْتَضَتْ لَهَا الْجَزْمَ بِالْمِلْكِ فَهِيَ أَقْوَى مِنْ الْيَدِ الَّتِي لَا تُفِيدُ إلَّا ظُهُورًا يَسِيرًا فَأَضْعَفُ الْحُجَجِ الْيَدُ، وَفَوْقَهَا الشَّهَادَةُ بِالْمِلْكِ الْمُتَقَدِّمِ الْمُقْتَرِنِ مَعَهُ قَوْلُهُمْ لَا نَعْلَمُ لَهُ مُزِيلًا الْمَضْمُومُ إلَى الْيَمِينِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ
وَتُسَاوِيهِ الشَّهَادَةُ بِالْمِلْكِ؛ لِأَنَّ جَازِمًا مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ، وَتُسَاوِيهِ الشَّهَادَةُ عَلَى حَاكِمٍ بِأَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَهُ الْمِلْكُ فِي زَمَنٍ مُتَقَدِّمٍ فَهِيَ أَقْوَى مِنْ الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ أَمْسِ لِانْضِمَامِ إثْبَاتِ الْحَاكِمِ فَكَانَ أَقْوَى فَلِذَلِكَ لَا يَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى يَمِينٍ، وَوَقَعَ فِي الْفَتَاوَى قِسْمَتُهُ، وَالْقِسْمَةُ تَسْتَدْعِي ثُبُوتَ الْمِلْكِ، وَتَضَمَّنَتْ إقْرَارَ مَكَانِ شَخْصٍ فَوُجِدَ فِي يَدِ غَيْرِهِ فَفِي انْتِزَاعِهِ نَظَرٌ، وَإِنْ كَانَ تَقَدَّمَ إثْبَاتُ حَاكِمٍ الْمِلْكَ لَكِنَّ الَّذِي أَثْبَتَهُ الْحَاكِمُ الْمِلْكُ لِلشُّرَكَاءِ، وَهَذَا أَحَدُهُمْ، وَهُوَ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الْقِسْمَةِ، وَإِقْرَارُهُ ذَلِكَ الْقَدْرَ بِالْقِسْمَةِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ الْآنَ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِتَسَلُّمِهِ فَفِي النَّفْسِ مِنْ انْتِزَاعِهِ مِنْ ذِي الْيَدِ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ نَظَرٌ لِعَدَمِ قِيَامِ حُجَّةٍ فِيهِ بِخُصُوصِهِ تُخَالِفُ ظَاهِرَ الْيَدِ، وَقَدْ جَزَمُوا بِمَا إذَا ادَّعَاهَا اثْنَانِ فِي يَدِ ثَالِثٍ، وَأَحَدُهُمَا أَقَامَ بَيِّنَةً قُضِيَ لَهُ، وَإِطْلَاقُهُمْ يَقْتَضِي إقَامَتَهَا عَلَى الْمِلْكِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute