ذَلِكَ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِهِ بَلْ هُوَ فِي ذَلِكَ كَسَائِرِ النَّاسِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تُوَرَّثُ الْحُقُوقُ التَّابِعَةُ لِلْأَمْوَالِ كَالْخِيَارِ، وَالشُّفْعَةِ، وَاَلَّتِي يَحْصُلُ بِهَا سَعْيٌ، أَوْ دَفْعُ عَارٍ كَالْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ، وَهَذَا الْحَقُّ نِيَابَةٌ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْقِسْمَةِ، وَالتَّفْرِقَةِ فَلَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْمِيرَاثِ لَكِنَّ الَّذِي يَظْهَرُ وَتَمِيلُ النَّفْسُ إلَيْهِ أَنَّهُ يَكُونُ لِلْوَارِثِ.
(الْفَرْعُ الثَّانِي) ، وَقَدْ فَكَّرَتْ فِيهِ الْآنَ لِقَصْدِ الْأُضْحِيَّةِ عَنْ وَالِدِي رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَبَرْدِ مَضْجَعِهِمَا أَنَّهُ إذَا قُلْنَا بِجَوَازِ التَّضْحِيَةِ عَنْ الْمَيِّتِ فَيُضَحِّي الْوَارِثُ عَنْ مُوَرِّثِهِ، فَهَلْ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ لَحْمِهَا كَمَا لَوْ كَانَ هُوَ الْمُضَحِّيَ أَوْ لَا؟ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا يَنْبَنِي عَلَى الْفَرْعِ الَّذِي قَبْلَهُ إنْ قُلْنَا: هَذَا الْحَقُّ يُوَرَّثُ فَيَكُونُ لِلْوَارِثِ مَا لِلْمُوَرِّثِ مِنْ الْأَكْلِ، وَالتَّفْرِقَةِ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ، وَالْفُقَرَاءِ، فَإِنَّ نِسْبَتَهُ إلَى الْأَكْلِ كَنِسْبَةِ سَائِرِ النَّاسِ، وَوِلَايَةُ التَّفْرِقَةِ مَقْرُونَةٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ فَيَسْتَمِرُّ ذَلِكَ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُضَحِّي عَنْ الْمَيِّتِ أَمْ كَانَ الْمَيِّتُ، وَمَنْ ضَحَّى ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ التَّفْرِقَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ الْأَطْعِمَةِ]
(بَابُ الْأَطْعِمَةِ) (مَسْأَلَةٌ) الزِّيَادَةُ عَلَى الشِّبَعِ حَرَامٌ قَالَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْقَوَاعِدِ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ وَإِفْسَادٌ لِلْأَبْدَانِ، وَكُنْت أَظُنُّ أَنَّ ذَلِكَ فِي سِوَى مَا يُعْتَادُ مِنْ الزِّيَادَةِ كَنَقْلٍ، أَوْ حَلْوَى، أَوْ نَحْوِهَا حَتَّى رَأَيْت فِي فَتَاوَى قَاضِيَ خَانْ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ فِي الْمُجَلَّدِ الْأَخِيرِ مِنْهُ مَا نَصُّهُ: امْرَأَةٌ تَأْكُلُ الْفَتِيتَ وَأَشْبَاهَ ذَلِكَ لِأَجْلِ السِّمَنِ قَالَ أَبُو مُطِيعٍ الْبَلْخِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا بَأْسَ بِهِ مَا لَمْ تَأْكُلْ فَوْقَ الشِّبَعِ، وَكَذَا الرَّجُلُ إذَا أَكَلَ مِقْدَارَ حَاجَتِهِ لِمَصْلَحَةِ بَدَنِهِ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا لَمْ يَأْكُلْ فَوْقَ الشِّبَعِ يُمْكِنُ إذَا كَانَ غِذَاءً أَنْ يَجْعَلَ مَعَ الْغِذَاءِ حَتَّى لَا يَزِيدَ فِي الْمِقْدَارِ عَلَى الشِّبَعِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِمَصْلَحَةِ الْبَدَنِ بَلْ مُجَرَّدٌ مِنْ نَقْلٍ، أَوْ حَلْوَى، أَوْ سُكَّرٍ وَلَيْمُونٍ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ إلَّا قَضَاءُ شَهْوَةٍ، فَأَوْلَى بِأَنْ يَتَقَيَّدَ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى قَدْرِ الشِّبَعِ، فَمَتَى زَادَ يَكُونُ حَرَامًا.
وَقَلَّ مِنْ الْمُسْرِفِينَ مَنْ يَحْتَرِزُ عَنْ ذَلِكَ فَيَنْبَغِي التَّنَبُّهُ لِهَذَا، وَهَذَا السُّكَّرُ، وَاللَّيْمُونُ الَّذِي جَرَتْ عَادَةُ الْمُسْرِفِينَ بِهِ بَعْدَ الْأَكْلِ يَنْبَغِي إنْ كَانَ قَدْ حَصَلَ الشِّبَعُ التَّامُّ أَنْ يَحْرُمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَانْظُرْ أَيْضًا مِنْ جِهَةِ مَنْعِ إدْخَالِ طَعَامٍ عَلَى طَعَامٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُوجَدُ فَوْقَ الشِّبَعِ غَيْرُ الْمَاءِ الْقَرَاحِ، وَمَا سِوَاهُ يَضُرُّ حَتَّى يَنْهَضِمَ الطَّعَامُ الْأَوَّلُ، فَاسْتِعْمَالُ هَذِهِ الْأُمُورِ الزَّائِدَةِ إنْ اقْتَضَتْهَا ضَرُورَةٌ وَإِلَّا فَمُجَرَّدُ الشَّهَوَاتِ النَّفْسَانِيَّةِ لَا تُبِيحُهَا بَلْ تَكُونُ حَرَامًا مَعَ كَوْنِهَا مُضِرَّةً وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[كِتَابُ الْبَيْعِ]
(كِتَابُ الْبَيْعِ) (مَسْأَلَةٌ) قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute