يَجْرِي مَجْرَى الْأَعْلَامِ يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا كَانَ مُعَرَّفًا بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ وَيَكُونُ مِمَّا سُمِّيَ بِمَا فِيهِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ، أَمَّا إذَا نُكِّرَ فَلَا يَجْرِي مَجْرَى الْعَلَمِ فِي كَوْنِهِ مُشْتَقًّا فَقَطْ مَعَ شُيُوعِهِ فِيمَا وَضَعَ اللَّهُ لَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى.
[مَسْأَلَةٌ قَالَ وَاَللَّهِ لَا كَلَّمْت كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ فَكَلَّمَ أَحَدَهُمَا]
(مَسْأَلَةٌ) قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ: إذَا قَالَ: وَاَللَّهِ لَا كَلَّمْت كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ فَكَلَّمَ أَحَدَهُمَا حَنِثَ وَكَانَتْ الْيَمِينُ بَاقِيَةً فِي حَقِّ الْآخَرِ وَاحْتَجَّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ إذَا قَالَ لِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ، وَاَللَّهِ لَا وَطِئْت كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْكُنَّ فَوَطِئَ وَاحِدَةً حَنِثَ فِيهَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَيَكُونُ مُولِيًا فِي الْبَاقِيَاتِ. وَسَبَقَهُ إلَى ذَلِكَ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ فِي بَقَاءِ الْإِيلَاءِ وَتَلَاهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ إذَا قَصَدَ هَذَا الْمَعْنَى وَوَافَقَ أَبُو إِسْحَاقَ وَابْنُ أَبِي هُبَيْرَةَ وَسَائِرُ الْأَصْحَابِ الشَّيْخَ أَبَا حَامِدٍ عَلَى الْحِنْثِ بِوَطْءِ وَاحِدَةٍ وَخَالَفُوهُ فِي بَقَاءِ الْإِيلَاءِ، وَقَالُوا إذَا وَقَعَ الْحِنْثُ يَسْقُطُ الْإِيلَاءُ فِي الْبَاقِيَاتِ فَهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى الْحِنْثِ بِالْوَاحِدَةِ.
وَمَنَعَ ابْنُ الصَّبَّاغِ الشَّيْخَ أَبَا حَامِدٍ فِيمَا احْتَجَّ فِي لَا أُكَلِّمُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ، فَقَالَ وَهَذَا غَيْرُ مُسَلَّمٍ لَهُ بَلْ انْحَلَّتْ الْيَمِينُ وَعُدِمَ الْحِنْثُ بِالْآخَرِ وَاتِّفَاقُهُمْ عَلَى الْحِنْثِ بِأَحَدِهِمَا قَدْ يُقَالُ إنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا قَرَّرْنَاهُ فِي مَسْأَلَةِ كُلٍّ مِنْ أَنَّهُ إذَا تَقَدَّمَ السَّلْبُ عَلَى كُلٍّ كَانَ سَلْبًا لِلْعُمُومِ لَا عُمُومًا لِلسَّلْبِ وَاتِّفَاقُ جُمْهُورِهِمْ عَلَى انْحِلَالِ الْيَمِينِ وَعَدَمِ الْحِنْثِ بِالْآخَرِ قَدْ يُقَالُ عَلَيْهِ إنَّهُ إمَّا أَنْ تَكُونَ هَذِهِ يَمِينًا وَاحِدَةً أَوْ يَمِينَيْنِ، فَإِنْ كَانَتْ يَمِينَيْنِ وَجَبَ أَنْ لَا تَنْحَلَّ وَإِنْ كَانَتْ يَمِينًا وَاحِدَةً وَجَبَ أَنْ لَا يَحْنَثَ إلَّا بِالْمَجْمُوعِ وَلَا قَائِلَ بِهِ مِنْ الْأَصْحَابِ وَلِأَجْلِ ذَلِكَ بَنَى ابْنُ الرِّفْعَةِ عَلَى مَا فِي ذِهْنِهِ مِنْ أَنَّهَا يَمِينَانِ وَأَنَّهَا مُسَاوِيَةٌ لِقَوْلِهِ: لَا كَلَّمْتُ زَيْدًا وَلَا عَمْرًا أَنَّهُ إذَا كَلَّمَ أَحَدَهُمَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَهَذَا لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الْأَصْحَابِ فِي بَابِ الْأَيْمَانِ وَلَكِنَّهُ هُوَ نَقَلَهُ مِنْ كَلَامِهِمْ فِي الْإِيلَاءِ إلَى الْأَيْمَانِ لِتَوَهُّمِهِ أَنَّهَا مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَوْ كَانَتْ مَسْأَلَةً وَاحِدَةً لَتَنَاقَضَ كَلَامُهُمْ فِي الْإِيلَاءِ وَالْأَيْمَانِ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ إشْكَالَاتٍ:
(أَحَدُهَا) فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْقَاعِدَةِ فِي تَقَدُّمِ النَّفْيِ عَلَى كُلٍّ وَتَأَخُّرِهِ عَنْهَا، وَمَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ فِي الْحِنْثِ بِأَحَدِهِمَا فِي الْأَيْمَانِ فِي لَا أُكَلِّمُ كُلًّا مِنْهُمَا وَلَا أَطَأُ كُلًّا مِنْهُمَا فَإِمَّا أَنْ يَصِحَّ كَلَامُ الْفُقَهَاءِ، وَتَبْطُلَ تِلْكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute