للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا جَهِلَهَا، وَلَكِنَّ جَهْلَهُ لَا يَقْتَضِي تَصْحِيحَ التَّصَرُّفِ، أَمَّا ثَمَنُ الْمِثْلِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ كَالْمَصْلَحَةِ فَيُفَرِّقُ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ: بِعْهُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ، أَوْ بِمَا تَرَاهُ ثَمَنَ الْمِثْلِ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الثَّانِي لَا فِي الْأَوَّلِ، وَيُحْتَمَلُ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ الْفَرْقُ، وَأَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ثَمَنِ الْمِثْلِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ مُسَوِّغٍ لِلْبَيْعِ بَلْ هُوَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ.

وَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى الْإِذْنِ فِي الْبَيْعِ فَالِاخْتِلَافُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي كَوْنِهِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ أَوَّلًا يُشْبِهُ الِاخْتِلَافَ فِي الصِّحَّةِ، وَالْفَسَادِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ بَلْ هُنَا أَوْلَى حَتَّى لَا يَجِيءَ اخْتِلَافٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ أَمِينٌ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ انْتَهَى.

(مَسْأَلَةٌ) رَجُلٌ بَاعَ جَارِيَةً لِرَجُلٍ، وَرَهَنَهَا عَلَى الثَّمَنِ ثُمَّ تَقَايَلَا الْبَيْعَ، وَالرَّهْنَ فَادَّعَى الْمُشْتَرِي عِتْقَ الْجَارِيَةِ الْمَرْهُونَةِ قَبْلَ الْمُقَايَلَةِ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً، وَزَوَّجَهَا لِغَيْرِهِ بِحُكْمِ الْوَلَاءِ، وَالْمُشْتَرِي مُعْسِرٌ.

(الْجَوَابُ) إنْ كَانَ الثَّمَنُ حَالًّا، وَالْجَارِيَةُ لَمْ يَقْبِضْهَا الْمُشْتَرِي فَالرَّهْنُ بَاطِلٌ، وَالْعِتْقُ، وَالتَّزْوِيجُ صَحِيحَانِ، وَالْإِقَالَةُ بَاطِلَةٌ، وَيَرْجِعُ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا، أَوْ حَالًّا، وَلَكِنْ بَعْدَ الْقَبْضِ فَالرَّهْنُ صَحِيحٌ، وَالْعِتْقُ غَيْرُ نَافِذٍ لِاعْتِبَارِهِ، وَالتَّزْوِيجُ بَاطِلٌ، وَالْمُقَايَلَةُ صَحِيحَةٌ فَيَسْقُطُ الثَّمَنُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى.

(مَسْأَلَةٌ) شَخْصٌ رَهَنَ عَيْنًا عَلَى دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ، وَغَابَ مَنْ لَهُ الدَّيْنُ فَأَحْضَرَ الرَّاهِنُ الدَّيْنَ، وَهُوَ دَرَاهِمُ إلَى الْحَاكِمِ، وَطَلَبَ مِنْهُ قَبْضَهَا لِيَفُكَّ الرَّهْنَ هَلْ لِلْحَاكِمِ ذَلِكَ، أَوْ لَا، وَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ، أَوْ لَا؟

(الْجَوَابُ) لَهُ ذَلِكَ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ، وَالْأَصْلُ فِي هَذَا مَا رَوَى الشَّافِعِيُّ قَالَ: قَالَ أُخْبِرْنَا أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ كَاتَبَ غُلَامًا لَهُ عَلَى نُجُومٍ إلَى أَجَلٍ فَأَرَادَ الْمُكَاتَبُ تَعْجِيلَهَا لِيُعْتَقَ فَامْتَنَعَ أَنَسٌ مِنْ قَبُولِهَا، وَقَالَ: لَا آخُذُهَا إلَّا عِنْدَ مَحِلِّهَا فَأَتَى الْمُكَاتَبُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ عُمَرُ: إنَّ أَنَسًا يُرِيدُ الْمِيرَاثَ، وَكَانَ فِي الْحَدِيثِ فَأَمَرَهُ عُمَرُ بِأَخْذِهَا مِنْهُ فَأَعْتَقَهُ.

[فَصْلٌ مُنَبِّهُ الْبَاحِثِ فِي دَيْنِ الْوَارِثِ]

(فَصْلٌ) مُنَبِّهُ الْبَاحِثِ فِي دَيْنِ الْوَارِثِ لِلشَّيْخِ الْإِمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي دَيْنِ الْوَارِثِ مُصَنَّفٌ سَمَّاهُ مُنَبِّهُ الْبَاحِثِ كَبِيرٌ اخْتَصَرَهُ فَقَالَ: وَمِنْ خَطِّهِ نَقْلٌ يُسْقِطُ مِنْ دَيْنِ الْوَارِثِ مَا يَلْزَمُهُ أَدَاؤُهُ مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ لَوْ كَانَ لِأَجْنَبِيِّ، وَهُوَ يُشْبِهُ أَزْيَدَ مِنْ الدَّيْنِ إنْ لَمْ يَزِدْ الدَّيْنُ عَلَى التَّرِكَةِ، وَمِمَّا يَلْزَمُ الْوَرَثَةَ أَدَاؤُهُ مِنْهُ إنْ زَادَ، وَيَنْتَقِلُ لَهُ نَظِيرُهُ مِنْ الْمِيرَاثِ، وَيُقَدِّرُ أَنَّهُ أُخِذَ مِنْهُ ثُمَّ أُعِيدَ إلَيْهِ عَنْ الدَّيْنِ، وَيَرْجِعُ عَلَى بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ بِبَقِيَّةِ مَا يَجِبُ أَدَاؤُهُ مِنْهُ عَلَى قَدْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>