للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي مُنْقَطِعِ الْأَوَّلِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ فِعْلِ الْإِمَامِ عَنْ الْأَصْحَابِ تَرْتِيبُهَا عَلَيْهِ وَأَوْلَى بِالصِّحَّةِ، وَأَطْلَقَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّا إنْ لَمْ نُصَحِّحْ الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ، أَوْ صَحَّحْنَاهَا وَرَدَّ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ، فَهُوَ مُنْقَطِعُ الْأَوَّلِ وَمُرَادُهُمْ أَنَّهُ الْأَصَحُّ يُبْطِلُ، وَعَلَى الثَّانِي، وَهُوَ صِحَّةُ الْمُنْقَطِعِ الْأَوَّلِ إنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ يُصْرَفُ لِلْوَرَثَةِ مُدَّةَ حَيَاةِ الْوَارِثِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، فَإِذَا انْقَرَضَ نُقِلَ إلَى الْمَسَاكِينِ سَوَاءٌ أَبَقِيَ مِنْ الْوَرَثَةِ أَحَدٌ غَيْرُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَمْ لَا، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ وَخَرَجَ بَعْضُهُ كَانَ كَذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ، فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ بِيعَ فِيهِ وَبَطَلَ الْوَقْفُ وَالصَّرْفُ إلَى الْوَرَثَةِ هُنَا حَيْثُ كَانُوا أَقْرَبَ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ عَلَى الصَّحِيحِ وَعَلَى الثَّانِي لِلْمَسَاكِينِ وَعَلَى الثَّالِثِ لِلْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ، وَلَا يَجِيءُ هُنَا غَيْرُ هَذِهِ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مُنْقَطِعِ الْأَوَّلِ؛ لَكِنَّ هَذَا الْقَدْرَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ تَفْرِيعِهِ قَدْ لَا يَتَنَبَّهُ لَهُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ.

(الْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ) إذَا وَقَفَ عَلَى نَفْسِهِ فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَأَبْطَلْنَا الْوَقْفَ عَلَى نَفْسِهِ، فَإِنْ صَحَّحْنَا الْمُنْقَطِعَ الْأَوَّلَ، وَجَعَلْنَا مَصْرِفَهُ الْآنَ أَقْرَبَ النَّاسِ لِلْوَاقِفِ، أَوْ الْمَسَاكِينِ، أَوْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ، أَوْ الْوَاقِفِ عَلَى سَبِيلِ الْوَقْفِ كَغَيْرِهِ مِنْ جِهَاتِ الْبِرِّ، أَوْ الْبَطْنِ الْمَذْكُورِ وَبَعْدِهِ فَكَذَلِكَ، وَهُوَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ مُنَجَّزٌ، وَإِنْ جَعَلْنَا مَصْرِفَهُ لِلْوَاقِفِ مِلْكًا وَأَنَّهُ مُعَلَّقٌ فَيَحْتَمِلُ هَاهُنَا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ مِنْ الثُّلُثِ لَا تَبَرُّعٌ مُعَلَّقٌ بِالْمَوْتِ فَاعْتُبِرَ مِنْ الثُّلُثِ كَسَائِرِ التَّبَرُّعَاتِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ ذَاكَ إذَا عَلَّقَ قَصَدَ حَيْثُ يَصِحُّ التَّعْلِيقُ الْمُسْتَقْبَلُ أَمَّا هَذَا التَّعْلِيقُ الَّذِي جَاءَ عَلَى جِهَةِ الْبَيْعِ فَلَا، هَذَا إذَا صَحَّحْنَا الْمُنْقَطِعَ الْأَوَّلَ أَمَّا إذَا قُلْنَا: بَاطِلٌ فَقَدْ سَكَتَ الْأَصْحَابُ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا شَكَّ فِي الْبُطْلَانِ يَعْنِي: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَقْفًا مُنَجَّزًا الْآنَ، وَلَا مُعَلَّقًا لَازِمًا وَلَنَا شَيْءٌ آخَرُ، وَهُوَ تَعْلِيقُهُ تَعْلِيقًا غَيْرَ لَازِمٍ، وَهُوَ تَعْلِيقُهُ بِالْمَوْتِ فَإِنَّهُ وَصِيَّةٌ وَهَلْ نَقُولُ: بِأَنَّ كَلَامَهُ مُتَضَمِّنٌ لَهَا فَتَصِحُّ كَمَا لَوْ انْفَرَدَ التَّعْلِيقُ، أَوْ نَقُولُ ذَاكَ إذَا قَصَدَ مَا إذَا كَانَ تَبَعًا لِوَقْفٍ فَلَا؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْوَصِيَّةِ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ؟ هَذَا مَحَلُّ نَظَرٍ لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا لَكِنْ نَقَلَ الْجُورِيُّ عَنْ ابْنِ شُرَيْحٍ فِيمَا إذَا وَقَفَ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَى مَنْ بَعْدَهُ خَمْسَةَ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا الْبُطْلَانُ وَعَلَّلَهُ بِعِلَةٍ قَاصِرَةٍ عَلَى مَنْعِ وَقْفِ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ فَقَدْ يَكُونُ مُرَادُهُ أَصْلَ الْوَقْفِ، وَالثَّانِي يَصِحُّ مِنْ الثُّلُثِ كَالْوَقْفِ عَلَى الْوَارِثِ فِي الْمَرَضِ، وَهَذَا الْوَجْهُ يَرْجِعُ إلَى مَا حَكَيْنَاهُ أَنَّ الْمُنْقَطِعَ يُصْرَفُ الْآنَ لِلْوَاقِفِ مِلْكًا، وَيَكُونُ مُطْلَقًا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَنْ بَعْدَهُ وَيَسْلُكُ بِهِ مَسْلَكَ التَّعْلِيقِ الْمُسْتَقْبَلِ، وَكَلَامُ ابْنِ شُرَيْحٍ مُطْلَقٌ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَفْرِيعًا عَلَى صِحَّةِ الْمُنْقَطِعِ، فَيَكُونُ هَذَا الَّذِي حَكَيْنَاهُ بِعَيْنِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>