فَأَجَّرَهَا الْوَاقِفُ الْمَذْكُورُ الَّذِي شَرَطَ لِنَفْسِهِ النَّظَرَ مُدَّةَ حَيَاتِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ لِلْأَرْشَدِ فَالْأَرْشَدِ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ.
فَإِذَا انْقَرَضَتْ ذُرِّيَّتُهُ وَصَارَتْ مَدْرَسَةً كَانَ النَّظَرُ لِلْأَرْشَدِ فَالْأَرْشَدِ مِنْ قَبِيلَتِهِ سَنَةً وَقَبَضَ بَعْضَ الْأُجُورِ لِنَفْسِهِ وَصَرَفَ الْبَاقِيَ، وَهُوَ الْأَكْثَرُ فِي الْعِمَارَةِ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ الْمُنَفِّذُ الْمَذْكُورُ بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ مَعَ الْعِلْمِ بِمُخَالَفَةِ شَرْطِ الْوَاقِفِ ثُمَّ إنَّ الْوَاقِفَ مَاتَ وَانْقَرَضَتْ ذُرِّيَّتُهُ وَعَادَتْ الدَّارُ مَدْرَسَةً يُذْكَرُ فِيهَا الْعِلْمُ وَتُقَامُ فِيهَا الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ فَهَلْ الْإِجَارَةُ الصَّادِرَةُ مِنْ الْوَاقِفِ صَحِيحَةٌ أَمْ لَا، وَإِذَا قُلْتُمْ بِصِحَّتِهَا فَهَلْ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ أَمْ لَا، فَإِنْ قُلْتُمْ لَا تَنْفَسِخُ فَهَلْ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِ ذُرِّيَّتِهِ وَانْقِرَاضِهِمْ بِحُكْمِ صَيْرُورَتِهَا مَدْرَسَةً أَمْ تَسْتَمِرُّ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ سَكَنًا، فَإِنْ قُلْتُمْ بِعَدَمِ الِاسْتِمْرَارِ فَهَلْ يَجِبُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ مِنْ مُدَّةِ صَيْرُورَتِهَا مَدْرَسَةً أَمْ لَا.
وَإِنْ قُلْتُمْ بِالِاسْتِمْرَارِ فَمَاذَا يُفْعَلُ فِي رِيعِ الْعَقَارِ الْمَوْقُوفِ عَلَى الْمَدْرَسَةِ وَالْإِمَامِ وَالْفُقَهَاءِ وَغَيْرِهِمْ وَالْحَاكِمُ الْمُنَفِّذُ الشَّافِعِيُّ الْمَذْكُورُ أَوَّلًا حَكَمَ بِبَقَاءِ الْإِجَارَةِ بَعْدَ انْقِرَاضِ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ وَصَيْرُورَةِ الدَّارِ الَّتِي صَارَتْ مَدْرَسَةً وَمَسْجِدًا وَأَذِنَ لِمَنْ وَلِيَ تَدْرِيسَ هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ أَنْ يَذْكُرَ الدَّرْسَ فِي مَسْجِدٍ قَرِيبٍ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ الَّتِي صَارَتْ مَدْرَسَةً، وَإِذَا قُلْتُمْ بِوُجُوبِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ عَلَى مَنْ سَكَنَ الدَّارَ وَعَطَّلَهَا عَمَّا صَارَتْ لَهُ فَهَلْ يَعُودُ بِهَا الْمُدَرِّسُ الَّذِي ذَكَرَ الدَّرْسَ فِي الْمَسْجِدِ الْمُجَاوِرِ لِلْمَدْرَسَةِ وَالْفُقَهَاءِ أَمْ كَيْفَ الْحُكْمُ؟
وَإِذَا قُلْتُمْ بِصَيْرُورَتِهَا مَدْرَسَةً وَإِخْرَاجِ مَنْ اتَّخَذَهَا سَكَنًا بَعْدَ صَيْرُورَتِهَا مَدْرَسَةً وَمَسْجِدًا؛ لِأَنَّهُ مَنَعَ مَسْجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهِ اسْمُهُ وَعَطَّلَهَا عَمَّا بُنِيَتْ لَهُ وَجُعِلَتْ يَوْمَئِذٍ وَاَلَّذِي هِيَ فِي يَدِهِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي شَيْءٍ، بَلْ لَهُ مُبَاشِرَاتٌ مُكْسِيَةٌ.
وَالْمَسْئُولُ مِنْ إحْسَانِكُمْ رَحِمَكُمْ اللَّهُ أَنْ تُبَيِّنُوا لَنَا حُكْمَ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنْ الْمُصْلِحِ بَيَانًا شَافِيًا وَاضِحًا وَابْسُطُوا لَنَا الْعِبَارَةَ وَالْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ بَيَانُ حُكْمِ هَذِهِ الدَّارِ الْمَدْرَسَةِ هَلْ تَسْتَمِرُّ سَكَنًا بَعْدَ صَيْرُورَتِهَا مَدْرَسَةً وَمَسْجِدًا.
(أَجَابَ) الشَّيْخُ الْإِمَامُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنْ كَانَ الْحَاكِمُ الَّذِي حَكَمَ بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ دَيِّنًا عَالِمًا وَحَكَمَ بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ لَمَّا رَآهُ دَلِيلًا عِنْدَهُ فَالْإِجَارَةُ صَحِيحَةٌ وَاَلَّذِي صُرِفَ مِنْ الْأُجْرَةِ فِي الْعِمَارَةِ صَرْفٌ صَحِيحٌ وَاَلَّذِي قَبَضَهُ الْوَاقِفُ يَسْتَحِقُّ مِنْهُ مَا يُقَابِلُ مُدَّتَهُ مِمَّا عَسَاهُ يَفْضُلُ عَنْ الْمُسْتَحَقِّ لِلْعِمَارَةِ وَيَرْجِعُ فِي تَرِكَتِهِ بِالْبَاقِي لِجِهَةِ الْوَقْفِ إنْ وُجِدَ لَهُ تَرِكَةٌ، وَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ، وَلَا بِمَوْتِ ذُرِّيَّتِهِ وَانْقِرَاضِهِمْ، بَلْ تَسْتَمِرُّ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ مَعَ صَيْرُورَتِهَا مَدْرَسَةً سَكَنًا لِلْمُسْتَأْجِرِ حَتَّى تَنْقَضِيَ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ، وَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِ، فَإِذَا انْقَضَتْ الْإِجَارَةُ تَخَلَّصَتْ مَدْرَسَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute