للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تصيب المرأة رجلها المفصل لها، بل رجلًا يسمى زوجًا؛ وهنا يظهر كرم المرأة الكريمة، وههنا جهاد المرأة وصبرها، وههنا بذلها لا أخذها؛ ومن كل ذلك ههنا عملها لجنتها أو نارها.

فإذا لم يكن الرجل كاملًا بما فيه للمرأة، فلتُبْقه هي رجلًا بنزولها عن بعض حقها له، وتركها الحياة تجري في مجراها، وإيثارها الآخرة على الدنيا، وقيامها بفريضة كمالها ورحمتها، فيبقى الرجل رجلًا في عمله للدنيا، ولا يُمسَخ طبعه ولا ينتكس بها ولا يَذِل، فإن هي بَذَأت وتسلطت وغلبت وصرَّفت الرجل في يدها, فأكثر ما يظهر حينئذ في أعمال الرجال من طاعتهم لنسائهم, إنما هو طيش ذلك العقل الصغير وجرأته، وأحيانًا وقاحته؛ وفي كل ذلك هلاك معاني الرجولة، وفي هلاك معاني الرجولة هلاك الأمة!!

قال الشيخ: والقلوب في الرجال ليست حقيقة أبدًا، بطبيعة أعمالهم في الحياة وأمكنتهم منها، ولكن القلب الحقيقي هو في المرأة؛ ولذا ينبغي أن يكون فيه السمو فوق كل شيء إلا واجب الرحمة؛ ذلك الواجب الذي يتجه إلى القوي فيكون حبا، ويتجه إلى الضعيف فيكون حنانًا ورقة، ذلك الواجب هو اللطف؛ ذلك اللطف هو الذي يثبت أنها امرأة.

قال أبو معاوية: وانفضّ المجلس، ومنعني الشيخ أن أقوم مع الناس، وصرف قائدي؛ فلما خلا وجهه قال: يا أبا معاوية قم معي إلى الدار, قلت: ما شأنك في الدار يا أبا محمد؟ قال: إن "تلك" غاضبة علي، وقد ضاقت الحال بيني وبينها، وأخشى أن تتباعد، فأريد أن تصلح بيننا صلحًا.

قلت: فمم غضبها؟ قال: لا تسأل المرأة مم تغضب، فكثيرًا ما يكون هذا الغضب حركة في طباعها، كما تكون جالسة وتريد أن تقوم فتقوم، وتريد أن تمشي فتمشي!

قلت: يا أبا محمد، هذا آخر أربع مرات١ تغضب عليك غضب الطلاق، فما يحبسك عليها والنساء غيرها كثير؟

قال: ويحك يا رجل! أبائع نساء أنا، أما علمت أن الذي يطلق امرأة لغير


١ هذا هو التعبير الصحيح لمثل قول الناس: "هذه رابع مرة".

<<  <  ج: ص:  >  >>