يثبت أنه عقل، فاستطاع بحيلته العجيبة أن يجعل لكلمة:"ما أعقلها" كل الشأن والخطر، وكل البلاغة والسحر، عند ... عند الطفلة.... تفرح الطفلة أشد الفرح، إذا قيل: ما أعقلها!
فقلت لمحدثي: كأنك صادق يا فتى! لقد جلست أنا ذات يوم إلى امرأة أديبة لها ظرف وجمال، وجاءت كبريائي فجلست معنا, وكانت "التقاليد" كالحاشية لي؛ فعلمت بعد أنها قالت لصاحبة لها:"لا أدري كيف استطاع أن ينسى جسمي وأنا إلى جانبه، أذكِّره أني إلى جانبه! لكأنما كانت لقلبه أبواب يفتح ما شاء منها ويغلق".
قال محدثي: فهذا هذا؛ إن إحساس المرأة بالعالم وما فيه من حقائق الجمال والسرور, إنما هو في إحساسها بالرجل الذي اختارتْه لقلبها، أو تهم أن تختاره، أو تود أن تختاره؛ ثم إحساسها بعد ذلك بالصور الأخرى من رجُلها في أولادها. وحياة المرأة لا أسرار فيها البتة، حتى إذا دخلها الرجل عرفت بذلك أن فيها أسرارًا، وتبينت أن هذا الجسم الآخر هو فلسفة لجسمها وعقلها.
قال: وقد جلست مرة مع صاحبة القصة، وأنا مغضب أو كالمغضب, ثم تلاحينا وطال بيننا التلاحي؛ فقالت لي: أنت بجانبي وأنا أسأل: أين أنت؟ فإنك لست كلك الذي بجانبي!
قال: ومذهبي في الحب، الكبرياء، كما قلت أنت, غير أنها الكبرياء التي تدرك المرأة منها أني قوي لا أني متكبر؛ كبرياء الرجل إما مهيب مرح يملك أفراح قلبها، وإما حزين مهيب يملك أحزان هذا القلب.
إن المرأة لا تحب إلا رجلًا يكون أول الحسن فيه حسن فهمها له، وأول القوة فيه قوة إعجابها به، وأول الكبرياء فيه كبرياءها هي بحبه وكبرياءها بأنه رجل. هذا هو الذي يجتمع فيه للمرأة اثنان: إنسانها الظريف، ووحشها الظريف!
قلت: لقد بعُدنا عن القصة, فما كان خبر صاحبتك تلك؟
قال: كانت صاحبتي تلك تعلم أني متزوج، ولكن إحدى صديقاتها أنبأتها بكبريائي في الحب، ووصفتني لها صفة الإحساس لا وصف الكلام؛ فكأنما تنبهت فيها طبيعة زَهْو الفتاة بأنها فتاة، وغريزة افتتان الأنثى بأن تكون فاتنة؛ فرأت في إخضاعي لجمالها عملًا تعمله بجمالها.
ومتى كانت الفتاة مستخفة "بالتقاليد" كهذه الأديبة المتعلمة؛ رأيت كلمة