للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والثانية: إقحام الأخلاق الأجنبية عن طباعنا وفضائلنا في هذا الاجتماع الشرقي، وتوهينه بها وصدعه وهي جريمة أخلاقية.

والثالثة: دس العروق الزائغة في دمائنا ونسلنا؛ وهي جريمة اجتماعية.

والرابعة: التمكين للأجنبي في بيت من بيوتنا، يملكه ويحكمه ويصرفه على ما شاء؛ وهي جريمة سياسية.

والخامسة: للمسلم منا إيثاره غير أخته المسلمة، ثم تحكيمه الهوى في الدين، ما يعجبه وما لا يعجبه؛ ثم إلقاؤه السم الديني في نبع ذريته المقبلة، ثم صيرورته خِزيًا لأجداده الفاتحين الذين كانوا يأخذونهن سبايا، ويجعلونهن في المنزلة الثانية أو الثالثة بعد الزوجة؛ فأخذته هي رقيقًا لها، وصار معها في المنزلة الثانية أو الثالثة بعد١ ... وهذه جريمة دينية.

والسادسة بعد ذلك كله: أن هذا المسكين يُؤثر أسفله على أعلاه ... ولا يبالي في ذلك خمس جرائم فظيعة.

وهذه السادسة جريمة إنسانية!

ما كنت أحسب يا إخواني، وقد رجعت بزوجتي الأوروبية إلى مصر، أني أحضرت معي من أوروبا آلة تصنع أحزاني ومصائبي! ولم يكن وعظني أحد بما أعظكم به الآن، ولا تنبهت بذكائي إلى أن الزوجة الأجنبية تثبت لي غربتي في بلادي! وتثبت علي أني غير وطني أو غير تام الوطنية، ثم تكون مني حماقة تثبت للناس أني أحمق فيما اخترت؛ ثم تعود مشكلة دولية في بيتي، يزورها أبناء جنسها ويستزيرونها رغم أنفي وفمي ووجهي كله! ويستطيلون بالحماية، ويستترون بالامتيازات، ويرفعون ستارًا عن فصل، ويُرخون ستارًا على فصل ... وأنا وحدي أشهد الرواية!

إن الشيطان في أوروبا شيطان عالم مخترع. فقد زين لي من تلك الزوجة ثلاث نساء معًا: زوجة عقلية، وزوجة قلبية، وزوجة نفسية؛ ثم نَفَث اللعين في رَوْعي أن المرأة الشرقية ليس فيها إلا واحدة، وهي مع ذلك ليست من هؤلاء الثلاث ولا واحدة. قال الخبيث: لأنها زوجة الجسم وحده، فلا تسمو إلى العقل، ولا تتصل بالقلب، ولا تمتزج بالنفس؛ وأنها بذلك جاهلة، غليظة الحسن،


١ يريد: بعد عشيقها.

<<  <  ج: ص:  >  >>