عواطفها وأحزانها، فاجتمع من صوتهما أكمل صوت إنساني وأجمله وأشجاه وأرقه.
فأطفنا به وقلنا له: لقد كتمْتَنا نفسك حتى نم عليها ما سمعنا، وما هذا بغناء، ولكنه هموم ملحنة تلحينًا، فلن ندعك أو تخبرنا ما كان شأنك وشأنها.
فاعتل علينا ودافعنا جهده، فقلنا له: هيهات؛ والله لن نُفلتك وقد صرت في أيدينا، وإنك ما تزيد على أن تعظنا بهذه القصة؛ فإن أمسكت عنها فقد أمسكت عن موعظتنا، وإن بخلت فما بخلت بقصتك بل بعلم من علم الحياة نفيده منك؛ وأنت ترانا نعيش ههنا في اجتماع فاسد كأنه قصص قلبية، بين نساء لا يلبسن إلا ما يعري جمالهن، وفي رجال أفرطت عليهم الحرية، حتى دُخل فيها مخدع الزوجة!
قال الدكتور: ونظرتُ فإذا الرجل كاسف قد تغير لونه وتبين الانكسار في وجهه، فألممت بما فينفسه، وعلمت أنه قد دهى في زوجة، من هؤلاء الأوروبيات، اللواتي يتزوجن على أن يكون مخدع المرأة منهن حرًّا أن يُأخذ ويُدع، ويغير ويبدل، ويقسم كلمة "زوج" قسمين وثلاثة وأربعة وما شاء.
وكأنما مسست البارود بتلك الشرارة، فانفجرت نفس الرجل عن قصة ما أفظعها!
قال: يا إخواني المصريين، قبل أن أنفُض لكم ذلك الخبر أسديكم هذه النصيحة التي لم يضعها مؤلف تاريخي لسوء الحظ، إلا في الفصل الأخير من رواية شقائي:
إياكم إياكم أن تغتروا بمعاني المرأة، تحسبونها معاني الزوجة؛ وفرِّقوا بين الزوجة بخصائصها، وبين المرأة بمعانيها، فإن في كل زوجة امرأة، ولكن ليس في كل امرأة زوجة.
واعلموا أن المرأة في أنوثتها وفنونها النسائية الفردية، كهذا السحاب الملون في الشفق حين يبدو؛ له وقت محدود ثم يمسخ مسخًا؛ ولكن الزوجة في نسائيتها الاجتماعية كالشمس؛ قد يحجبها ذلك السحاب، بيد أن البقاء لها وحدها، والاعتبار لها وحدها، ولها وحدها الوقت كله.
لا تتزوجوا يا إخواني المصريين بأجنبية؛ إن أجنبية يتزوج بها مصري, هي مسدس جرائم فيه ست قذائف:
الأولى: بَوار امرأة مصرية وضياعها بضياع حقها في هذا الزوج؛ وتلك جريمة وطنية فهذه واحدة.