منه". إلى أحاديث كثيرة مروية، هي تمام القانون الأدبي الاجتماعي في الدنيا، تثبت أن الحي إن هو إلا عمل الحي.
ولكن حين يكون سيد الأمة وصاحب شريعتها رجلا فقيرًا، عاملا مجاهدًا، يكدح لعيشه، ويجوع يوما ويشبع يوما، فلم يقلب يده في تلاد من المال يرثه، ولم يجمعهما على طريف منه يورثه, فذلك هو ما بيناه وشرحناه، وذلك كالأمر نافذا لا رخصة فيه، على ألا يتخذ الغني من الفقير عبدا اجتماعيا لفقر هذا ولمال ذاك؛ بل هي المساواة النفسية لا غيرها وإن اختلفت طبقات الاجتماع، والأكرم هو الأتقى لله بمعنى التقوى، والأقوم بالواجب على معنى الواجب، والأكفأ للإنسانية في معاني الإنسانية.
فقر ذلك السيد الأعظم ليس فقرًا، بل هو كما رأيت, ضبط السلطة الكائنة في طبيعة التملك، لقيام التعاون الإنساني على أساسه العملي؛ هو المحاجزة العادلة بين المصالح الاقتصادية الطاغية, يمنع أن تأكل مصلحة مصلحة فتهلك بها، ويوجب أن تلد المصلحة مصلحة لتحيا بها.
والنبي الفقير العظيم هو في التاريخ من وراء كل هذه المعاني، كالقاضي الجالس وراء مواد القانون. صلى الله عليه وسلم.