للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الشعبي: ههنا الرجاء في الله واليوم الآخر، وهو شعور لا يشترى بمال، ولا يلتمس من أحد، ولا يعسر على من أراده، والفقير والمبتلى وغيرهما إنما يصنع كل منهم مثاله السامي؛ فالصبر على هذا العنت هو صبر على إتمام المثال، وإذا وقع ما يسوءك أو يحزنك فابحث فيه عن فكرته السامية، فقلما يخلو منها، بل قلما يجيء إلا بها١.

قال المسيب: فقام آخر فقال: وكيف يصنع امرؤ آلت أحوال الدنيا إلى ما يخيفه، أو بلغ الهم مبلغه من قلبه فهم أن يقتل نفسه؟

قال الشعبي: فليجعل الخوف خوفين: أحدهما خوفه عذاب الله خالدًا مخلدًا فيه أبدًا؛ فيذهب الأقوى بالأضعف، وإذا ابتلي فليضم إلى نفسه من هو أشد بلاء منه؛ ليكون همه أحد همين، فيذهب الأثقل بالأخف.

إن الإنسان ونفسه في هذه الحياة كالذي أعطي طفلا نزقا طياشا عارما متمردًا ليؤدبه ويحكم تربيته وتقويمه فيثبت بذلك أنه أستاذ، فيعطي أجر صبره وعمله، ثم يضيق الأستاذ بالطفل ساعة فيقتله، أكذلك التأديب والتربية؟


١ في كتابنا "المساكين" كلام كثير في هذه المعاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>