فإذا عظمت الأمة الدينار والدرهم، فإنما عظمت النفاق والطمع والكذب والعداوة والقسوة والاستعباد؛ وبهذا تقيم الدنانير والدراهم حدودًا فاصلة بين أهلها، حتى لتكون المسافة بين غني وفقير كالمسافة بين بلدين قد تباعد ما بينهما. وإنما هيبة الإسلام في العزة بالنفس لا بالمال، وفي بذل الحياة لا في الحرص عليها، وفي أخلاق الروح لا في أخلاق اليد، وفي وضع حدود الفضائل بين الناس لا في وضع حدود الدراهم، وفي إزالة النقائص من الطباع لا في إقامتها، وفي تعاون صفات المؤمنين لا في تعاديها، وفي اعتبار الغنى ما يعمل بالمال لا ما يجمع من المال، وفي جعل أول الثروة العقل والإرادة، لا الذهب والفضة.
هذا هو الإسلام الذي غلب الأمم، لأنه قبل ذلك غلب النفس والطبيعة.