للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طيارة إلى آية كآية بدء الخلق، لأن فيك بدء الطيران في مصر؟

سلاما يا فاتح الجو المصري، لقد أجالت الأيام قداحها فخرجت القرعة عليك، وأوحى إليك الواجب آية: بسم الله مصعدها ومجراها.

وطرت فإذا أنت بها عابر فوق الحاضر لتجيئنا من جانب المستقبل.

وهبطت علينا كأنك في بريد السماء كتاب مجد حي للوطنية الظافرة.

بل كتاب قصة رائعة ألفتها العواصف من فنين: ثورة الجو وثورة نفسك المصرية. وحكتها في صوتين: زفيف الطيارة وصرخة ضميرك الوطني. وجعلتها فصلين: أنت والمجهول. ألا حسبك مجدًا أن يحيا الشعب كله بضعة أيام في قصتك!

فعلى مهد الجو، وفي حرير الشعاع، وتحت كلة السحاب ولد لمصر يوم تاريخي.

وخرجت التهانئ التي طال احتباسها في القلوب المصرية لا يفرج عنها لأن سجانها ظلم السياسة.

واتجهت أفراح شعب كامل إلى الفتى الجريء الذي رمت به همته فوق هاوية الموت فتخطاها.

وتلقى شعور الأمة رسوله المقدام الذي لم يكن له ملجأ في خطاره إلا شعوره بهذه الأمة.

وارتج الوادي كله كأنه غمد يتقلقل حين يسل منه السيف.

ثم أهديت كلمة مصر لابنها الذي كتب في جوها الكلمة السماوية الأولى. وكانت ساعة تلاشى عندها الزمن فارتفعت منه أربعة آلاف سنة وهتف معنا الفراعنة: بوركت يا "صدقي".

لله درك أيما ابن عزيمة! كأنما كشفت أهاويل الوحي وهبطت في سحابة مجلجلة إن لم تحمل كتابا منزلا فكأنما حملت شخصا منزلا.

ولعلك رسول الغيم العابس لهذا الجو المصري الذي يضحك دائما ضحكة الفيلسوف الساخر في حين أصبحت الحياة قوة لا فلسفة ...

<<  <  ج: ص:  >  >>