أصغرها وأفراغها من المعنى، وما كبر عند أولئك إلا من أنه يسع الاجتماع الإنساني وهو محدود بغاياته العليا، وما صغر عند هؤلاء إلا بأن الاجتماع لا يسعه فلا حد له، وكأنه معنى متوهم لا وجود له إلا في أحرف كلمته.
فجماعة القبعة لا يرون لأنفسهم حدا يحدونها به من أخلاقنا أو ديننا أو شرقيتنا، وقد مرقوا من كل ذلك وأصبحوا لا يرون في زينا الوطني ما فيه من قوة السر الخفي الذي يلهمنا ما أودعه التاريخ من قوميتنا ومعاني أسلافنا.
وأنا أعرف أن منا قومًا يرى أحدهم في ظن نفسه أنه قانون من قوانين التطور؛ فهو فيما يلابسه لا ينظر إلى أنه واحد من الناس، بل واحد من النواميس ... ومن هنا الثقل والدعوى الفارغة، وما هو أكبر من الثقل وفراغ الدعوى. وإنه لحق أن يكون بعض الناس أنبياء، ولكن أقبح ما في الباطل أن يظن كل إنسان نفسه نبيا.
واعلم أنه كثيرًا مما يزينونه للشرقي من رذائل المدنية الأوروبية، إن هو إلا منطق شهواته في جملته، ولقد تسمع الجائع يتكلم عن الطعام، فترى كلامًا تحته معان ومعان لا يعدها غير الجائع إلا حماقة ساعتها.