للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: إنهم يخشون بأسي، وقد حسبوني مجنونًا استهوته الشياطين؛ وما علموا أن شيطان الشعر هو الذي استهواني، كما أن شيطان الحب هو الذي استهواك ... هذا من جهة، ومن جهة ليس معي ثمن الغداء، ولا أكلفك شيئا ... ".

قلت: فهذا قرش للغداء في مطعم الشعب، وهم الآن يتغذون ويوشك إذا أبطأت أن توافقهم وقد استنفدوا الطعام، وأنت لا تجهل أن القرش في مطعم الشعب هو قرشان في القيمة.

قال: صدقت؛ يوشك أن أوافقهم وقد فرغوا من طعامهم وغسلوا الآنية. فلأبق هذا للعشاء وسأطوي إلى الليل.

قلت: فمعك الآن ثمن الدخان، والقهوة، والغداء، وأجرة السيارة إلى بلدك. وقد كان نابغة القرن الثالث للهجرة واسمه "طاق البصل"١ يغني بقيراط ولا يسكت إلا بدانق. هذا من جهة، ومن جهة فخذ هذا القرش ثمنا لسكوتك وانصرف.

فشق ذلك عليه وقام مغضبا وتنفست بعده الصعداء الطويلة ... وفتحت النافذة واستقبلت الهواء النقي وأخذت في رياضة التنفس العميق، ثم زاغت عيني إلى الباب؛ فإذا "نابغة القرن العشرين" مقبل مع نابغة قرن آخر ...


١ هذا مجنون من مجانين الكوفة في القرن الثالث.

<<  <  ج: ص:  >  >>