يأكلها ولم تنطحه، هي بالنص والحرف كما قال أستاذ نابغة القرن العشرين.
"حاشية" وإن مجنون المتن لم يفهم هذه الفلسفة.
فامتعض الآخر وقال "مما حفظناه":
وبات يقدح طول الليل فكرته ... وفسر الماء بعد الجهد بالماء
فقال "النابغة": ويلك يا أبله! أما -والله- لو كنت نفطويه أو سيبويه لما كنت عندي إلا جحشويه أو بغلويه ...
لقد كنت أرى الكلام في تلك الفلسفة طريقا نزها جميلا حفته الأشجار والأزهار عن جانبيه، واندفعت في سوائه "تمبيلات" الأفكار خاطفة كالبرق. فلما تكلمت أنت انتهينا من سخافتك إلى طريق حجري تقعقع فيه عربات النقل تجرها البغال البطيئة.
فقال الآخر وهو يعتذر إليه: ما أردت والله مساءتك ولو أردتها لقلت: وفسر الماء بعد الجهد بالسبرتو ... فهذا هو الخطأ، أما تفسير الماء بعد الجهد بالماء فهو صحيح.
قال "النابغة": ولكنه تفسير مفرط السقوط كتفسير المجانين، فهو يقول: إني مجنون.
قلت: كلا، إن تفسير المجانين يكون على غير هذا الوجه، كالذي حكاه الجاحظ قال: سمعت رجلا يقول لآخر: ضربنا الساعة زنديقا. قال الآخر: وأي شيء الزنديقا؟ قال الذي يقطع المزيقا. قال: وكيف علمت أنه يقطع المزيقا؟ قال: رأيته يأكل التين بالخل ...