استخراج قانون السعادة لتلك الأمم من آداب الإسلام وأعماله؛ ثم مخاطبة الأمم بأفكارها وعواطفها، والإفضاء من ذلك إلى ضميرها الاجتماعي فإن أول الدين هناك أسلوبه الذي يظهر به.
هذه هي رسالة الأزهر في القرن العشرين، ويجب أن يتحقق بوسائلها من الآن؛ ومن وسائلها أن يعالن بها؛ لتكون موثقًا عليه. ويحسن بالأزهر في سبيل ذلك أن يضم إليه كل مفكر إسلامي ذي إلهام أو بحث دقيق أو إحاطة شاملة؛ فتكون له ألقاب علمية يمنحهم إياها وإن لم يتخرجوا فيه، ثم يستعين بعلمهم وإلهامهم وآرائهم.
وبهذه الألقاب يمتد الأزهر إلى حدود فكرية بعيدة، ويصبح أوسع في أثره على الحياة الإسلامية، ويحقق لنفسه المعنى الجامعي.
وفي تلك السبيل يجب على الأزهر أن يختار أيامًا في كل سنة يجمع فيها من المسلمين "قرش الإسلام"؛ ليجد مادة النفقة الواسعة في نشر دين الله، وليس على الأرض مسلم ولا مسلمة لا يبسط يده، فما يحتاج هذا التدبير لأكثر من إقراره وتنظيمه وإعلانه في الأمم الإسلامية ومواسمها الكبرى، وخاصة موسم الحج.
وهذا العمل هو نفسه وسيلة من أقوى الوسائل في تنبيه الشعور الإسلامي، وتحقيق المعاونة في نشر الدين وحياطته؛ وعسى أن تكون له نتائج اجتماعية لا موضع لتفصيلها هنا، وعسى أن يكون "قرش الإسلام" مادة لأعمال إسلامية ذات بال، وهو على أي الأحوال صلة روحية تجعل الأزهر كأنه معطيه لكل مسلم لا آخذه.
والخلاصة أن أول رسالة الأزهر في القرن العشرين: اهتداء الأزهر إلى حقيقة موضعه في القرن العشرين: {وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ}[هود:١٢٠] .