فضحك صاحبنا وقال: حرك الصورة في يدك، فإنك ستراها وما تشك أنها ترقص.
قلت: الآن انقطع شيطانك، فهذا ليس شعرًا ولا يجيء منه وزن.
وتضاحكنا وضحك الشيطان، وظهر الوجه الجميل في الرسم كأنه يضحك.
قال صاحب القلب المسكين: انظر إلى هاتين العينين، إنها من العيون التي تفتن الرجل وتسحره متى نظرت إليه، وتعذبه وتضنيه متى غابت عنه؛ إن في شعاعهما قدرة على وضع النور في القلب السعيد، كما أن في سوادهما القدرة على وضع الظلمة في القلب المهجور.
وانظر إلى هذا الفم، إلى هذا الفم الذي تعجز كل حدائق الأرض أن تخرج وردة حمراء تشبهه.
وانظر إلى هذا الجيد تحته ذلك الصدر العاري، فوقه ذلك الوجه المشرق؛ تلك ثلاثة أنواع من الضوء: أما الوجه ففيه روح الشمس، وأما الجيد ففيه روح النجم، وأما الصدر ففيه روح القمر الضاحي.
انظر إلى هذه المسافة البيضاء من أعلى جبينها إلى أسفل نهديها، تلك منطقة القبلات في جغرافيا هذا الجمال ...
وانظر إلى الصدر يحمل ذينك الثديين الناهدين؛ إنه المعرض الذي اختارته الطبيعة من جسم المرأة الجميلة للإعلان عن ثمار البستان ...
انظر إلى النهدين لم برزا في صدر المرأة إلا إذا كانا يتحديان الصدر الآخر ... ؟!
وانظر لهذا الخصر الدقيق وما فوقه وما تحته، ألا تراه فتنة متواضعة بين فتنتين متكبرتين ... ؟
انظر إليها كلها، انظر إلى كل هذا الجمال، وهذا السحر، وهذا الإغراء؛ ألا ترى الكنز الذي يحول القلب إلى لص..؟
هذه مخلوقة مرتين: إحداهما من الله في العالم، والأخرى من حبي أنا في نفسي أنا: فكلمة "جميلة" التي تصف المرأة التامة، لا تصفها هي بعض الوصف؛ ورسمها هذا الذي تراه هو حدود لتلك الروح التي فيها قوة التسلط، وهيهات يظهر من تلك الروح إلا ما يظهر من الجمرة المشتعلة رسم هذه الجمرة في ورقة.