للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعجيب العجيب في هذا الحب أن فتح العينين على الجميل المحبوب هو نوع من تغميضهما للنوم ورؤيا الأحلام؛ ليس إلا هذا، ولا يكون أبدًا إلا هذا؛ فمهما أعطت من جدل فإقناعك المحب المستهام كإقناعك النائم المستثقل؛ وكيف وله ألفاظ من عقله لا من عقلك، وبينك وبينه نسيانه إياك، وقد تركك على ظاهر الدنيا وغاص هو في دنيا باطنه لا يملك فيها أخذًا ولا ردًا إلا ما تعطي وما تمنع.

ثم.... ثم غابت "العروس" بعد أن نظرت له وضحكت.

ضحكت بحزن.. حزن الذي يسخر من حقيقة؛ لأنه يتألم من حقيقة غيرها؛ وكان منظرها الجميل المنكسر فلسفة تامة مصورة للخير الذي اعتدى عليه الشر فأحاله، والإرادة التي أكرهها القدر فأخضعها، والعفة المسكينة التي أذلتها ضرورة الحياة، والفضيلة المغلوبة التي حيل بينها وبين أن تكون فضيلة!

ويا ما كان أجملها ناظرة بمعاني البكاء ضاحكة بغير معاني الضحك؛ تتنهد ملامح وجهها وفمها يبتسم!

كان منظرها ناطقًا بأن قلبها الحزين يسأل سؤالًا أبداه على وجهها بلطف ورقة؛ كان يسأل إنسانًا: ألا تحل هذه العقدة؟ ...

وانقضى التمثيل وتناهض الناس.

أما صاحب القلب المسكين؟..

<<  <  ج: ص:  >  >>