وحكمتها؟ أما إنه لو كشف السر الأفراح والأحزان عملًا في النفس من أعمال تنازع البقاء؛ فهذا الناموس يعمل في إيجاد الأصلح والأقوى، ثم يعمل كذلك لإيجاد الأفضل والأرق، ومن ثم كانت آلام الحب قوية حتى لكأنها في الرجل والمرأة تهيئ أحد القلبين؛ ليستحق القلب الآخر.
آه من هذا اللواعج! إنها ما تكاد تضطرم حتى ترجع النفس وكأنها موقد يشتعل بالجمر، وبذلك يصهر المعدن الإنساني ويصنع صنعة جديدة؛ وإلى أن ينصهر ويتصفى ويصنع، ماذا يكون للإنسان في كل شيء من حبيبه؟
يكون له في كل شيء روحه النازي.
قلت: بخ بخ*! هكذا فليكن الحب؛ إنها حين تهيج في نفسك الحنين إليها تعطيك ما هو أجمل من جمالها وما هو أبدع من جسمها؛ إذ تعطيك أقوى الشعر وأحسن الحكمة.
قال: وأقوى الألم وأشد اللوعة! يا عجبًا! كأن الحياة لا تقدم في عشق المحبوب إلا عشقها هي؛ فإذا وقعت الجفوة، أو حم البين، أو اعترى اليأس -قدم الموت نفسه فكل ذلك شبه الموت.
إن الحزن الذي يجيء من قبل العدو يجيء معه بقوة تحمله وتتجلد له وتكابر فيه؛ ولكن أين ذلك في حزن مبعثه الحبيب؟ ومن أين القوة إذا ضعف القلب؟
قلت: لا يصنع الله بك إلا خيرًا؛ فإذا كان غد وانسلخ النهار من الليل جئنا إليها فرأيناها في المسرح، ولعل الأمر يصدر مصدرًا آخر، قال: أرجو..
ولم يكد ينطق بهذه الرجية حتى مر بنا سبعة رجال يقهقهون، ثم تلاقينا وجئنا؛ ويا ويلتنا على المسكين حين علم أنها رحلت؛ لقد أدرك أن الشيطان كان يضحك بسبعة أفواه.. من قوله: أرجو..
ولماذا رحلت؟ لماذا؟
وأما هو..؟
* كلمة الإعجاب تقال عند الرضى والمدح، ومثلها "زه" وهذه فارسية.