وتعلق مقال المنفلوطي على المقال الأول فاشتهر به لا بالمنفلوطي؛ وغضب حافظ مرة ثانية، فكتب إلي كتابا يذكر فيه تعسف هذا الكاتب وتحامله، ويقول: قد وكلت إليك أمر تأديبه١....
فكتب مقالًا في جريدة "المنبر"، وكان يصدرها الأستاذان محمد مسعود وحافظ عوض، ووضعت كلمة المنفلوطي التي ذمني بها في صدر مقالي أفاخر بها ... وقلت: إني كذلك الفيلسوف الذي أرادوه أن يشفع إلى ملكه، فأكب على قدم الملك حتى شفعه؛ فلما عابوه بأنه أذال حرمة الفلسفة بانحنائه على قدم الملك وسجوده له، قال: ويحكم!. فكيف أصنع إذا كان الملك قد جعل أذنيه في رجليه ...
ولم يكن مضى لي في معالجة الشعر غير سنتين حين ظهر مقال "الثريا"، ومع ذلك أصبح كل شاعر يريد أن يعرف رأيي فيه؛ فمررت ذات يوم "بحافظ" وهو في جماعة لا أعرفهم، فلما اطمأن بي المجلس قال حافظ: ما رأيك في شعر اليازجي؟ فأجبته: قال: فالبستاني؟ فنجيب الحداد؟ ففلان؟ ففلان؟ فداود عمون؟ قلت: هذا لم أقرأ له إلا قليلًا لا يسوغ معه الحكم على شعره. قال: فماذا قرأت له؟ قلت: رده على قصيدتك إليه:
شجتنا مطالع أقمارها
قال: فما رأيك في قصيدته هذه؟ قلت: هي من الشعر الوسط الذي لا يعلو ولا ينزل.
فما راعني إلا رجل في المجلس يقول: أنصفت والله!. فقال حافظ: أقدم لك داود بك عمون! ...