للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكيمًا استحدث في نفسك ما يجعلك بالحكمة فوق الدنيا وكنت بها في الدنيا.

قال الأستاذ المترجم في مقدمته: "أشهد لأبناء وطني أنني لم أنتفع بكتاب قدر ما انتفعت بهذا الكتاب". وهذه هي الكلمة التي لا يقول غيرها من يقرأ "سر النجاح"، ولا يمكن أن يقول غيرها؛ إذ هو مبني في وضع من فائدة النفس وما يرهف حدها ويبتعث ملكاتها ويستنهض قواها ويستنفذ وسائلها على ما يشبه القواعد التي لا تؤدي إلا إلى نتيجة واحدة من أين اعتبرتها، كـ "اثنان واثنان أربعة"، وثلاثة وواحد أربعة، وأربعة وحداتٍ أربعة، وهلم جرا..

تلك شهادة المترجم، أما أنا فأشهد لقد عرفت منذ زمن طالبًا في الأزهر، فلما تعرف إلي جعل يشكو ويتبرم وينفض لي نفسه ويقول: الأزهر وعلومه وفنونه ومسائله ومشاكله، والمتون وما فيها، والشروح وما إليها، والحواشي وما يرد ويعترض ويجاب به ويقال فيه، وكل كلمة بساعة من العمر، وكل سطر بيوم، وكل جزء بسنة، وتركت ورائي كذا وكذا فدانًا وأقبلت على كذا وكذا علمًا، فلا حصدت من هذه ولا من تلك! قلت: وما يمسكك والباب مفتوح ولا يسألك الأزهر إلى أين ولا تسألك الدنيا إذا خرجت إليها من أين؟ قال: والله ما ربطني إلى هذه الأعمدة خمس عشرة سنة كاملة على يأس ومضض إلا كتاب "سر النجاح" وما أمضيت نيتي مرة على وجه من وجوه العيش إلا رأيت هذا الكتاب قد ضرب وجه هذه النية فردها إلى هذا المكان وألقاها في هذا المستقر، وما هممت بترك الأزهر إلا انتصب في وجهي كل الأبطال الذين قرأت أخبارهم فيه وأمسكوني، لا من يدي ولا من رجلي، ولكن من اعتقادي وإيماني وأملي!

قلت: فوالله لا يدعك حتى تنجح، وما ربط الله على قلبك بهذا الكتاب وثبت فؤادك باليقين الذي فيه إلا وقد كتب لك الخير كله.

<<  <  ج: ص:  >  >>