للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا كلام أبي سفيان، فهو أراد أن يقول أي شيء سلبي على الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فكل الإجابات ترفعُ من شأن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، يقول أبو سفيان: ولم تُمْكِنِّي كلمةٌ أُدخل فيها شيئًا غير هذه الكلمة.

أي حاولتُ قدر ما أستطيع أن أطعن في الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأي شيء، فلم أستطع إلا بهذه الكلمة، وهرقل لم يعلِّق على هذه الكلمة، وكأنه لم يسمعها.

ثم قال هرقل: فهل قاتلتموه؟ قال أبو سفيان: نعم.

فقال هرقل: فكيف كان قتالكم إياه؟ قال أبو سفيان: الحرب بيننا وبينه سجال.

قال هرقل: بماذا يأمركم؟ قال أبو سفيان: يقول: اعبدوا الله وحده، ولا تشركوا به شيئًا، واتركوا ما يقول آباؤكم، ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة.

قال هرقل: "سألتك عن نسبه، فذكرت أنه فيكم ذو نسب، وكذلك الرسل تبعث في نسب من قومها".

ثم قال: سألتك: هل قال أحد منكم هذا القول قبله؟ فذكرت أن لا، قلتُ: لو كان قال أحد هذا القول قبله لقلت رجل يَأْتَسِي بقول قيلَ قبله.

وسألتك: هل كان من آبائه من ملك؟ فذكرت أن لا، فلو كان من آبائه من مَلِك، قلتُ: رجلٌ يطلب مُلك أبيه.

وسألتك: هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فذكرت أن لا، فَقَدْ عَرَفْتُ أنه لم يكن ليذَرَ الكذب على الناس ويكذب على الله.

وسألتك: أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم؟ فذكرت أن ضعفاءهم اتبعوه، وهم أتباع الرسل.

وسألتك: أيزيدون أم ينقصون؟ فذكرت أنهم يزيدون. وكذلك أمر الإيمان حتى يتم.

وسألتك: أيرتد أحد منهم سَخْطَةً لدينه بعد أن يدخل فيه؟ فذكرت أن لا. وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب.

وسألتك: هل يغدر؟ فذكرت أن لا. وكذلك الرسل لا تغدر.

وسألتك: بماذا يأمر؟ فذكرت أنه يأمركم أن تعبدوا الله، ولا تشركوا به شيئًا، وينهاكم عن عبادة الأوثان، ويأمركم بالصلاة والصدق والعفاف والصلة. فإن كان ما تقوله حق فسيملك

<<  <   >  >>