للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان ترتيب الشيخ لأبواب هذا الكتاب بحسب رغبته في ترتيب موضوعات المناظرة، فبدأ بالتحريف فالنسخ فالتثليث فإعجاز القرآن، ثم ختمها بموضوع النبوة، ولا شك أن هذا هو أنسب ترتيب علمي منطقى متصل الحلقات في هذه الموضوعات الخمسة المهمة، فقدم موضوع التحريف على النسخ؛ لأن الكتاب المحرف لا يبقى شك في أنه سينسخ بغيره، وإذا ثبت التحريف والنسخ ناسب أن يذكر بعدهما موضوع التثليث وألوهية المسيح.

وإذا ثبت بطلان كتبهم بالتحريف والنسخ، وبطلان عقيدتي التثليث وألوهية المسيح - وإنكارهما مدار إبطال النبوة عندهم - ثبت أنه لم يبق لهم دليل ولا حجة ضعيفة في إنكار نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -، ولما كانت المعجزة دليلا من أدلة النبوة ناسب تقديم الحديث عن إعجاز القرآن قبل موضوع النبوة.

يعد إظهار الحق هو خلاصة كتب الشيخ ومجموع ما ألف في الهند في تلك الفترة. تحدى الشيخ رحمت الله في مقدمته للكتاب القسيس فندر وسائر علماء النصارى أن يردوا على ما في كتابه.

يقول د. الملكاوي: "ولما توافرت لي هاتان النسختان العربية والتركية - اللتان لم تتوفرا قط لأحد من قبلي، ولما كنت أنا أول من حقق المناظرة الكبرى، وصار عندي خبرة واسعة بالشيخ ومؤلفاته وأسلوبه وكتاباته، رأيت واجبا علي الإقدام على تحقيق هذا الكتاب العظيم" (١).

يعتبر العمل الذي قام به رحمت الله قمة نضج المنهج الإسلامي في الرد على النصارى؛ فهو ضبط للمنهج يجمع بين الحجة المنطقية، والتعويل على استمداد المعلومة من النص المقدس عند أهل الكتاب.

تعتبر الهند لمساحتها القارية من أكبر البلاد ثراء دينيا وتنوعا عرقيا، إذ تجتمع على أرضها تقريبا جميع الديانات، السماوية منها، والوضعية. ولعوامل تاريخية، وأخرى حادثة، يمكن تقسيم الحالة الدينية إلى قسمين:

أولا: يعتبر الإسلام العدو الرئيس بالنسبة للإنجليز المحتلين لذلك عملت على محاصرته وترويضه ثم القضاء عليه بجميع الوسائل ففرقت بين عامة المسلمين وبين العلماء.

ثانيا: تم إنشاء أول هيئة تنصيرية بروتستانتية عام ١٧٩٢ م. جمعية لندن التبشيرية عام ١٧٩٥ م. جمعية التبشير للكنيسة الإنجيلية ١٧٩٩ م.

ومن خلال نشر الفكرة القومية المخالفة للإسلام، والعمل على إنشاء فرق ضالة تدعي الإسلام مثل: القاديانية والبهائية (٢)؛ حيث"عرف الإنجليز أن عقيدة الجهاد من أعظم العقائد عند المسلمين؛ فظلوا يبحثون عن كاتب مسلم يستطيع أن يقف مع الإنجليز ويعلن إلغاء


(١) المرجع السابق، ص ٩٧.
(٢) القاديانية: التي نشأت في ظل الاستعمار الانجليزي في الهند، وهي نحلة هدامة وطائفة كافرة تتخذ من اسم الإسلام شعارا لستر أغراضها الخبيثة وعقائدها الفاسدة ومن أخطرها: دعوى النبوة لزعيمها، وتحريف نصوص القرآن، وإبطال الجهاد، وتكفير المسلمين وموالاة الأعداء، البابية ثم البهائية: نسبة إلى زعمائها وقد ادعوا الرسالة والنبوة وقد انبثقت من الوسط الشيعي المسلم في أرض فارس، مستغلة الانحرافات والخرافات التي سادت الوسط الشيعي، مستغلة النفس الشيعية الفارسية لتقبل الأفكار الغريبة المنحرفة، التي استنكرها المذهب الشيعي نفسه وحاربها فكريا ورسميا .. منقول من عبد المنعم أحمد النمر، البابية والبهائية (القاهرة: مكتبة التراث الإسلامي، بدون ط، بدون سنة)، ص ٥. ناصر بن عبد الله القفاري، ناصر بن عبد الكريم العقل، الموجز في الأديان والمذاهب المعاصرة (الرياض: دار الصميعي للنشر والتوزيع، ط ١، ١٩٩٢)، ص ١٤٣، ١٥٥ ومابعدهما. محمد الفاضل بن علي اللافي، دراسة العقائد النصرانية، ص ٩٥.

<<  <   >  >>