للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العالم يحب خاصته، ولكن إنكم لستم من العالم بل أنا اخترتكم من العالم لذلك يبغضكم العالم). وفي الباب السابع من إنجيل يوحنا هكذا ١٤: (لأنهم ليسوا من العالم كما أني أنا لست من العالم)] ١٦ [(ليسوا من العالم كما أني أنا لست من العالم) فقال في حق تلاميذه: إنهم ليسوا من العالم، وسوّى بينه وبينهم في عدم الكون من هذا العالم، فلو كان هذا مستلزماً للألوهية كما زعموا، لزم أن يكونوا كلهم آلهة والعياذ بالله، بل التأويل الصحيح: أنتم طالبو الدنيا الدنية وأنا لست كذلك، بل طالب الآخرة ورضاء الله، وهذا المجاز شائع في الألسنة يقال للزهاد والصلحاء إنهم ليسوا من الدنيا. وأورد رحمت الله أربعة أدلة على ذلك.

الباب الخامس: في إثبات كون القرآن كلام الله ومعجزاً ورفع شبهات القسيسين وضممت إلى مبحث القرآن مبحث إثبات صحة الأحاديث النبوية المروية في كتب الصحاح من كتب: أهل السنة والجماعة (١).

وجعل هذا الباب مشتملاً على أربعة فصول:

الفصل الأول: في إثبات أن القرآن كلام الله

الأمور التي تدل على أن القرآن كلام الله كثيرة، اكتفى منها على اثني عشر أمراً على عدد حواري المسيح وترك الباقي.

(الأمر الأول): كونه في الدرجة العالية من البلاغة التي لم يعهد مثلها في تراكيبهم وتقاصرت عنها درجات بلاغتهم، وهي عبارة عن التعبير باللفظ المعجب عن المعنى المناسب للمقام الذي أورد فيه الكلام، بلا زيادة ولا نقصان في البيان، والدلالة عليه، وعلى هذا كلما ازداد شرف الألفاظ ورونق المعاني ومطابقة الدلالة كان الكلام أبلغ وتدل على كونه في هذه الدرجة وجوه:

(أولا) أنه تعالى راعى فيه طريقة الصدق وتنزه عن الكذب في جميعه، وكل شاعر ترك الكذب والتزم الصدق نزل شعره ولم يكن جيداً، ولذلك قيل أحسن الشعر أكذبه. وترى أن لبيد بن ربيعة (٢)

وحسان بن ثابت (٣) رضي الله عنهما لما أسلما نزل شعرهما ولم يكن شعرهما


(١) انظر المرجع السابق، ص ٧٧٤ - ص ١٠٠٠.
(٢) لبيد بن ربيعة (؟ - ٤١ هـ، ؟ - ٦٦١ م). لبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب العامري الصحابي، يعد من شعراء المعلقات بإجماع الرواة، ومن أشهر الشعراء المخضرمين المعمرين. قدم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم سنةَ وَفَدَ قومه بنو جعفر بن كَلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة فأسلم وحسن إسلامه. وكان يقال لأبيه ربيع المقُتِرين لجوده وسخائه، وقتلته بنو أسد في حرب بينهم وبين قومه. نشأ لبيد كريمًا كأبيه وآلى على نفسه في الجاهلية ألا تهب الصَّبا إلا أطعم الناس حتى تسكن، وظل على نذره في الإسلام. ويكنى لبيد أبا عقيل. وصفه ابن سلام فقال: وكان لبيد في الجاهلية خير شاعر لقومه يمدحهم ويرثيهم ويعد أيامهم ووقائعهم وفرسانهم. وعدّه ابن قتيبة من شعراء الجاهلية وفرسانهم. وذكر الأصفهاني في ترجمته أن عمه هو أبو بَرَاء عامر بن مالك ملاعب الأسنة. أما أمه فهي تامرة بنت زنباع القيسية، إحدى بنات حذيمة بن رواحة. ويكاد الرواة يجمعون على أن لبيداً هجر الشعر منذ هداه الله إلى الإسلام، ويزعمون أنه لم يقل شعرًا في الإسلام إلا بيتًا واحدًا، يختلفون فيه وفي نسبته، وهو قوله: الحمد لله إذ لم يأتني أجلي ... حتى اكتسيت من الإسلام سربالا. الموسوعة العربية العالمية السعودية، مرجع سابق.
(٣) حسان بن ثابت (؟ - ٥٤ هـ، ؟ - ٦٧٤ م). حسان بن ثابت بن المنذر الأنصاري، من الشعراء المخضرمين، وشاعر الرسول ٣، ينتمي إلى قبيلة الخزرج الأزدية، إحدى قبائل اليمن المشهورة. يتصل نسبه من جهة أبيه ببني مالك بن النجار، وهم بطن مشهور من بطون الخزرج. وقد اجتمع لحسان عراقة النسب والحسب وموهبة الشعر؛ فهو من بني النجار أخوال النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وكان أبوه ثابت بن المنذر بن حرام الأنصاري من سادة قومه وأشرافهم، أما جده المنذر، فقد كان حكمًا بين الأوس والخزرج يوم سُمَيْحَة، وهو يوم من أشهر أيامهم. وأمه الفُريْعة بنت خالد بن حُنَيْس، وقيل بل أخت خالد لا ابنته، وذكر ابن حجر أنها أدركت الإسلام فأسلمت وبايعت. وكنيته أبو الوليد، وأبو عبدالرحمن، وقد عُد من المعمَّرين، حيث يقال إنه عاش ستين عامًا في الجاهلية ومثلها في الإسلام. واختلف الدارسون في سنتي ميلاده ووفاته. الموسوعة العربية العالمية السعودية، مرجع سابق.

<<  <   >  >>