للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المتمسكون بأصول الدين والسلاطين التغلقيون يحاربون الميول الداعية إلى وحدة الوجود، وظهرت مؤلفات فقهية عديدة في القرن الرابع عشر الميلادي تهدف كلها إلى الوقوف في وجه الأفكار الداعية إلى وحدة الوجود ... وقد أثارت رغبة أكبر شاه في وضع ديانة جديدة تجمع بين كل المعتقدات الدينية في الهند مخاوف المسلمين الأصوليين ... وكان الشيخ أحمد سرهندي وهو من أتباع الطريقة النقشبندية من المنتقدين؛ حيث انتقد محاولة " أكبر شاه " في مزج المعتقدات الإسلامية وغير الإسلامية كالهندوسية والبوذية وغيرها في عقيدة واحدة، واستطاع الشيخ أحمد سرهندي أن يجتذب أعداداً كبيرة من نبلاء المغول إلى جانبه وتمكن عن طريقهم أن يحدث تغييراً في جو البلاط. في القرن الثاني عشر الهجري/الثامن عشر الميلادي حاول بعض العلماء المسلمين إيجاد تسوية بين الآراء والأفكار المتصارعة التي حدثت في القرن السابق، فكتب شاه ولي الله الدهلوي مقالة بعنوان «فيصلة وحدة الوجود والشهود» حاول فيها أن يبين أنه ليس ثمة اختلاف جوهري بين أفكار ابن عربي والشيخ أحمد سرهندي فكلاهما يعنيان الشيء نفسه، ونجح الجدال الذي احتدم بين العلماء عدة عقود مع أنه وُجد علماء لم يتفقوا مع وجهة نظره (١).

إن تسرب التأثيرات الغربية إلى المجتمع الإسلامي في الهند وتفوق الغرب في التكنولوجيا والعلوم والصناعة أوجد نوعاً من الصراع لدى المسلمين الهنود، فالهنود المسلمون الذين درسوا اللغة والعلوم الإنكليزية تقبلوا الحكم البريطاني، ورفض فريق آخر تعلم اللغة والآداب الإنكليزية رفضاً باتاً، ورفضوا الحكم البريطاني وعدّوه دخيلاً حل محل حكم المغول في الهند، وهناك فريق ثالث ظهر رأيه بجلاء في الموقف الذي اتخذه شاه عبد العزيز بن شاه ولي الله، فهو يمتدح الإنكليز من حيث كفاءاتهم العلمية ويسمح بدراسة اللغة


= تمذهب بمذهب الإمام أحمد بن حنبل، ويعده كثيرون فقيهاً حنبلياً، وكان يرجح الفقه الحنبلي على غيره، ويعتبره أقرب إلى نصوص القرآن والسنة، ولكنه لم يتعصب للمذهب الحنبلي، فكان يقدر آراء الفقهاء والعلماء وأئمة المذاهب الآخرين، ويعتذر لهم في بعض الآراء حتى صنف رسالته القيمة «رفع الملام عن الأئمة الأعلام».لم يلتزم ابن تيمية مذهباً معيناً في فتاويه ومصنفاته، بل أفتى خلافاً للمذاهب الأربعة إذا صح عنده دليل من الكتاب والسنة وفتاوى السلف مما أنكره عليه علماء عصره، وأدى به إلى السجن والاعتقال عدة مرات. درس ابن تيميه العلوم العربية والعقلية، وأتقن فنون الحساب والجبر والمقابلة، ونظر في علم الكلام والفلسفة والفرق، وضرب بسهم وافر وصائب في جميع ذلك وصنف في معظمها. ذكر العلماء أن شيوخه الذين سمع منهم كانوا أزيد من مائتي شيخ، وتلقى العلم عن والده الشيخ عبد الحليم (ت ٦٨٢ هـ) وعن أحمد بن عبد الدائم المقدسي النابلسي المؤرخ المحدث الفقيه (ت ٦٦٨ هـ) وعن محمد بن عبد القوي بن بدران المقدسي المردادي الفقيه المحدث النحوي (ت ٦٩٩ هـ) ... وأخذ عن علماء الحنفية والشافعية من علماء دمشق وغيرها، المرجع السابق مج ٧ ص ٢٦٥، وكذلك، محمد بن أحمد بن عبد الهادي بن قدامة المقدسي، العقود الدرية من مناقب شيخ الإسلام أحمد بن تيمية، تحقيق: محمد حامد الفقي (بيروت: دار الكتاب العربي، د. ط، د. س) ص ٢ وما بعدها.
(١) الموسوعة العربية السورية، تأسست عام ١٩٩١ م (arab-ancy.com)، المجلد ٢١، الهند (التاريخ الوسيط). أحدثت هيئة الموسوعة العربية بمقتضى المرسوم التشريعي رقم ٣ تاريخ ٥/ ١/١٩٨١، الذي نص على أنها هيئة عامة ذات طابع علمي ثقافي تتمتع بشخصية اعتبارية واستقلال مالي وإداري، وترتبط برئاسة الجمهورية العربية السورية، ومركزها مدينة دمشق ولها أن تنشئ مكاتب تابعة لها في داخل الجمهورية العربية السورية وخارجها. تتولى هيئة الموسوعة العربية جميع مايتعلق بإصدار موسوعة عربية شاملة وموسوعات متخصصة وملاحق موسوعية .. ـيرأسها حاليا أ. د. محمد عزيز شكري -رئيس شعبة الشريعة والقانون في معهد الفتح الإسلامي (تابع لجامعة الأزهر) منذ العام ٢٠٠٠ م. (بتصرف يسير).

<<  <   >  >>