للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإنكليزية ولكنه من جهة أخرى يصدر فتوى يعلن فيها أن كل الأراضي التي احتلها الإنكليز هي دار حرب (١).

وأخيرا، إن المفاهيم المغلوطة حول ابن عربي والتصوف - الدخيلة على المجتمع الهندي- كان لها أسوأ الأثر في تخبط الفكر الإسلامي ورجالاته خارج دائرة الخطوط العقائدية الواجب اعتقادها فتمثلت في إحدى أكبر المشكلات بجانب مشكلتي الاستعمار والإغراءات بالتكنولوجيا الغربية المتطورة.

وإنه بعد تلك المقدمة عن أوضاع الهند، كان لابد أن أتطرق إلى معرفة أحوال الهند في تلك الفترة المهمة؛ حيث انتشرت النصرانية في العالم وخاصة في شبه القارة الهندية الباكستانية، وبذل العلماء المسلمون جهودا حثيثة في مواجهتها.

إن ادعى المسيحيون انتصار المسلمين بسبب الأساليب المتطورة؛ فعلينا أن نبحث عن أسباب ذاك الانتصار، وهل طور النصارى أساليبهم بعد مناظراتهم مع المسلمين لتعود إليهم ثقة العالم بشكل واقعي؟ ، كذلك نبحث عن أسباب عدم تبادل النصارى تلك الأساليب في أثنائها أو عقبها، وهل إذا طور النصارى تلك الأساليب سيكونون قادرين على الخوض مجددا في أساليب الحجاج تلك؟ ، وهل ستكون الأساليب هي محور النجاح والفشل؟ ، أم أن الحق لابد له من غالب، وأن الباطل لابد له مغلوب.

كانت أبرز جهود المسلمين في هذا الميدان هي جهود الشيخ رحمت الله الهندي، وخاصة عندما ناظر القس فندر؛ حيث وصلت المناظرة في عهدهما إلى أعلى درجات البحث والنظر والجدل، وتشكلت أقوى المراحل المنهجية في دائرة علوم الجدل والمناظرة.

بلغت أهمية العصر الذي ظهر فيه الشيخ رحمت الله مبلغا عظيما؛ حيث كان حافلا بالأحداث التي مرت على الإسلام والمسلمين -والتي لازالت تستمر - وتمثلت في مقاومته للنصرانية؛ المتمثلة في حملات التبشير - في تلك الفترة - باليد واللسان والقلم؛ تلك النصرانية التي تمثل أقصاها عند القس فندر وكتابه ميزان الحق.

وتاريخيا، لا يمكن أن نغفل - في ذلك المقام - ونحن نتحدث عن المناظرات بين المسلمين والنصارى - ردود المسلمين عليهم عبر التاريخ الإسلامي والتي لم تبدأ عند الشيخ رحمت الله الهندي والقس فندر - فحسب - بل سبقتهما محاولات كثيرة وفي أماكن متفرقة أمثال:

ردود ابن حزم الأندلسي (٢) ت (٤٥٦ هـ - ١٠٦٤ م) [الفصل في الملل والأهواء والنحل]. يعد ابن حزم من أوائل من تكلم في نقد الكتب المقدسة، كما يعد ابن تيمية من أوائل من أصل القواعد لمناظرة أهل الكتاب.


(١) المرجع السابق
(٢) أبو محمد علي بن أحمد بن حزم القرطبي-وهو عالم عربي أندلسي. مؤرخ، وفقيه ومحدث، وأديب، ومؤلف في علم الكلام والعقائد والفلسفة. كان شافعي المذهب، ثم أصبح ظاهرياً، فاشتهر بمذهبه الظاهري في الفقه، ولقب بابن حزم الظاهري. له مصنفات في مختلف العلوم: منها «طوق الحمامة»، و «فضل الأندلس»، و «أبطال القياس والرأي والاستحسان والتقليد والتعليل»، و «الإحكام لأصول الأحكام» ورسالة «في أصول الفقه» و «الفصل في الملل والأهواء والنحل». و «التقريب في حدود المنطق»، و «الناسخ والمنسوخ»، و «الأخلاق والسير في مداواة النفوس». مؤدى مذهبه الفقهي الظاهري: أن كل قياس لا يستند إلى القرآن والحديث باطل، وهو يأخذ بظاهر المعنى لألفاظ القرآن والحديث. له شعر كثير، ملأه بمعارفه، ولم يعن بتنقيح لفظه وسبكه، ففقد جمال التعبير، الموسوعة العربية الميسرة، مجموعة من العلماء والباحثين (بيروت: المكتبة العصرية، ط ١، ٢٠١٠) ص ٢٤.

<<  <   >  >>