٩ - وأنه لا يزال أهل الغرب ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة. وفي حديث آخر رواية أبي أمامة: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك وقيل: يا رسول الله وأين هم قال: ببيت المقدس) (١) والمراد عند جمهور العلماء بأهل الغرب أهل الشام لأنه غرب الحجاز بدلالة رواية وهم بالشام.
١٠ - وأن الفتن لا تظهر ما دام عمر حياً وكان كما أخبر، وكان عمر رضي الله عنه سد باب الفتنة.
وذكر ثلاثين مثلا ثم أتبعها بمثيلها في الإنجيل - باثني عشر مثالا - لكنها أشياء لم تتحقق كما تم ذكرها والنص عليها (٢).
--
وأما النوع الثاني ففي الأفعال التي ظهرت منه عليه السلام على خلاف العادة وهي تزيد على ألف واكتفى على ذكر أربعين منها:
قال الله تعالى في سورة الإسراء: ١: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا}.
فهذه الآية والأحاديث الصحيحة تدل على أن المعراج كان في اليقظة بالجسد، أما دلالة الأحاديث ففي غاية الظهور، وأما دلالة الآية فلأن لفظ العبد يطلق على مجموع الجسد والروح. قال الله تعالى: (أرأيت الذي ينهى عبداً إذا صلى) [العلق: ٩ - ١٠]، وقال أيضاً في سورة الجن: {وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا} [الجن: ١٩].
ولا شك أن المراد في الموضعين من العبد مجموع الروح والجسد، فكذا المراد بالعبد ههنا. ولأن الكفار استبعدوا هذا المعراج وأنكروه وارتد بسماعه ضعفاء المسلمين وافتتنوا به فلو لم يكن المعراج بالجسد وفي اليقظة لما كان سبباً لاستبعاد الكفار وإنكارهم وارتداد ضعفاء المسلمين وافتتانهم؛ إذ مثل هذا في المنامات لا يعد من المحال ولا يستبعد ولا ينكر ألا ترى أن أحداً لو ادعى أنه سار في نومه مرة في الشرق ومرة في الغرب وهو لم يتحول عن مكانه ولم تتبدل حاله الأولى، لم ينكره أحد ولم يستبعد، ولا استحالة فيه عقلاً ونقلاً.
أما عقلاً فلأن خالق العالم قادر على كل الممكنات، وحصول الحركة البالغة في السرعة إلى هذا الحد في جسد محمد صلى الله عليه وسلم ممكن، فوجب كونه تعالى قادراً عليه وغاية ما في الباب أنه خلاف العادة والمعجزات كلها تكون كذلك.
وأما نقلاً فلأن صعود الجسم العنصري إلى الأفلاك ليس بممتنع عند أهل الكتاب (٣).
وقدم بعد ذلك خمسة مسالك أخر وهي:
المسلك الثاني: أخلاقه وأوصافه.
المسلك الثالث: ما اشتملت عليه شريعته.
المسلك الرابع: ظهور دينه على سائر الأديان في مدة قليلة.
(١) رواه مسلم عن ثوبان مولى الرسول برقم ١٩٢٠.
(٢) انظر المرجع السابق، ص ١٠٠٠ - ص ١٠٢٢.
(٣) انظر المرجع السابق، ص ١٠٠١ - ص ١٠٧٣.