بطلبه. كقوله تعالى:(رب احكم بالحق)[الأنبياء: ١١٢] مع أنا نعلم أنه لا يحكم إلا بالحق.
وإذا عرفت الأمور الخمسة، أقول أن الاستغفار طلب الغفران، والغفران الستر على القبيح، وهذا الستر يتصور على وجهين:
الأول: بالعصمة منه لأن من عصم فقد ستر عليه قبائح الهوى.
والثاني: بالستر بعد الوجود.
٢ - كتاب التنبيهات والقضايا المثارة (١)
يتحدث في المقدمة أن أكثر أبناء هذا الزمان مالوا في إنكار الاحتياج إلى البعثة إلى رأي جمهور البراهمة والتناسخية فاعتقدوا بأن العقل البشري كاف في تمييز الأشياء النافعة عن المضرة، ومالوا في إنكار الحشر مطلقا جمسانيا كان أو روحانيا إلى رأي القدماء من الفلاسفة الطبيعيين. ثم أورد التنبيهات اللازمة.
التنبيه الأول:
أن الإنسان مدني بطبعه؛ يحتاج إلى قانون ينظم علاقاته مع الآخرين، ولا يمكن وصول هذا الشرع بلا واسطة ومن جهتين؛ فتلك الخصوصية تكون من الله في البعث والنبوة فثبت أن المحققين من الفلاسفة أيضا يقرون بلا احتياج إلى البعثة والنبوة.
التنبيه الثاني:
إن العقول متفاوتة؛ وقد يرى الإنسان في الخمر سعادة وفي الحقيقة ندامة، وأن ما لا يدرك حسنه وقبحه قد يكون حسنا في الواقع يجب فعله، وقد يكون قبيحا فيه يجب تركه، وأن ما يخالف العقل قد لا يكون مع الجزم؛ فالعقل غير كاف ولابد من الاحتياج إلى نبي، وهذا النبي يعاضد العقل ويؤكد حكمه ويجعله موثوقا به، وإن أمكن معرفة التكاليف، فالنبي أولى بعدم الاستغناء لأنه امتاز عن غيره بالتجريد.
التنبيه الثالث:
التفكير في معجزات النبي وتكاليف الإله والحكم منها.
التنبيه الرابع:
قد توجد في الشرائع أحكام تعبدية لا تظهر حكمة مشروعيتها للعقول القاصرة.
التنبيه الخامس:
حصول الاطلاع على المغيبات الماضية والآتية للنبي لا تستنكره الفلاسفة ولا تحصل للشخص العادي إلا بطريق الرياضة والمجاهدة فكيف بالنبي.
(١) انظر: رحمت الله الهندي، كتاب التنبيهات، (القاهرة: دار البصائر، ط ١، ٢٠٠٦).