للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كان رحمت الله يستمد كلامه من نصوص الوحي، والرد من خلال كلام الخصم وردوده، وتميز بسعة الاطلاع والتفصيل دون استطراد. كان كذلك يعتمد المنطق والتاريخ في حجته فكان يستند إلى العقل، وكتب العهدين، وكلام علماء النصارى المعتبرين (١).

وكان يعمد إلى النقد الذاتي للقضية مثل: نفي ألوهية المسيح بنصوص العهدين، وبعرض مقدمات منطقية رياضية، وبعض تعليقاته الشخصية، واستدلالاته بقول مؤرخي المسلمين في الحديث عن غرض النصارى، كذلك الاستدلال بالحقائق التاريخية وضرب الأمثال (٢).

أما فندر فعمد إلى إخفاء الحقائق؛ حيث حاول إثبات أن انتشار النصرانية في العالم كان بالتبشير والإقناع والمحبة، وأن نشر الإسلام كان بالجبر والإكراه والسيف (٣). ومصداقا لقوله تعالى: " ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا اللذين ظلموا منهم " (٤)؛ فقد كان رحمت الله يجادل فندر بالحسنى، إلا أنه قد يضطر أحيانا للرد على الموقف العنيف لفندر.

يعتبر البرتغاليون أول نصارى الأوروبيين الذين احتلوا البلاد؛ حيث وصل فرانسيس زافير عام ١٥٤١ م إلى الهند لمهمتين الأولى: القاصد الرسولي للبابا، والثانية: المفتش الملكي البرتغالي للبعثات التبشيرية، وأسس جامعة القديس بولس العظيمة، كما كانت التجارة هي أول وسيلة يستخدمها الإنجليز في محاولة تنفيذ خطة تنصير الهند المسلمة (٥).

من خلال ما سبق وجب التعرف على الاحتلال البريطاني لشبه القارة الهندية؛ حيث "أخذت بعوث البريطانيين التجارية تفد إلى الهند منذ بداية القرن السابع عشر الميلادي ... ومالبث هؤلاء البريطانيون بما اشتهر عنهم من الدهاء وسعة الحيلة، أن صرحت الدولة لهم بإقامة وكالات تجارية عند سورات في الغرب وهوجلي في الشرق، ثم مازالوا يتقربون من بعد ذلك إلى سلاطين الهند حتى عاونوهم في حربهم ضد البرتغاليين عند الشواطئ الشرقية، كما دفعوا المرهتها كذلك مزيدا من الامتيازات حتى بلغوا من الثراء والقوة واتساع النفوذ ما مكنهم من شراء بومباي نفسها من البرتغاليين وتوسيع رقعة أراضيهم عند كلكتا ومد نفوذهم إلى مدراس (٦) ومايليها جنوبا" (٧).


(١) محمد الفاضل بن علي اللافي، دراسة العقائد النصرانية منهجية ابن تيمية ورحمت الله الهندي، (فرجينيا، أمريكا: المعهد العالي للفكر الإسلامي، ط ١، ٢٠٠٧)، ص ١٢٥.
(٢) المرجع السابق (بتصرف).
(٣) مرجع سابق، رسالة الأزهر، رحمت الله الهندي وجماعته وجهودهم في مواجهة الحملات التبشيرية، ص ٢٨.
(٤) العنكبوت: ٤٦]
(٥) انظر: المرجع السابق، ص ٥١، ص ٨٠، ص ٩٧ (بتصرف يسير).
(٦) مدراس عاصمة ولاية تاميل نادو ومركزها التجاري، تشتهر بمبانيها المعمارية التقليدية.
تاميل نادو ولاية تقع جنوب شرقي الهند وتبلغ مساحتها ١٣٠,٠٥٨ كم٢ وعدد سكانها ٥٥,٦٣٨,٣١٨ نسمة، معظمهم من الهندوس وأقليات من المسلمين والنَّصارى. ويعتمد ٧٥% من السكان على زراعة القطن والفول السوداني والأرز وقصب السكر وصناعة المعدات الهندسية والسيارات والنسيج والحديد والصلب. وعاصمتها مدراس. الموسوعة العربية العالمية السعودية، مرجع سابق.
(٧) أحمد محمود الساداتي، تاريخ المسلمين في شبه القارة الهندية وحضارتهم، (القاهرة: مكتبة الآداب، ج ٢، بدون ط، ١٩٥٧ م)، ص ٢٧٨ ومابعدها (بتصرف يسير).

<<  <   >  >>