للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المعروفة بحارة ((عبد المسيح)) (١) (بدأ الحفل في اليوم المعين، والساعة المحددة وقد حضرها ولاة المديرية من حكام وقضاه، وبعض كبار موظفي الثكنة الإنجليزية من الإنجليز، وحضر القس (وليم كلين WILLIAM CLEAN) وعدد كبير من أعيان البلد ووجهائه، ومن أبناء البلد المسلمين والمسيحيين والهنادك والسيخ، وكان الدكتور محمد وزير خان بجوار الشيخ رحمة الله يساعده ويتعاون معه، وكانت تلك القضايا موضوع البحث والمناظرة وهي (٢):

- التحريف في الكتاب المقدس (العهد القديم والجديد).

- وقوع النسخ.

- التثليث.

- نبوة محمد صلى الله عليه وسلم.

- صدق القرآن وصحته.

وقد تقرر أنه إذا انتصر الشيخ رحمة الله في المناظرة يدخل ((فندر)) في الإسلام، وإن كان العكس يتنصر الشيخ .. أسفرت هذه المناظرة التي لفتت أنظار المعنيين بالقضية في داخل البلد وخارجه، وكانت حديث النوادي، والشغل الشاغل، والمقيم في البلد عن اعتراف القس ((فندر)) بوقوع التحريف في ثمانية مواضع من الإنجيل، وقد أفزع ذلك الولاة وأنصار ((فندر)) وشيعته، ولكنه سهم أطلق من القوس فلا راد له، وتزايد عدد الحاضرين في الغد، وازداد عدد الحكام الإنجليز، والمسيحيين والهنادك والسيخ، وحضرها جم غفير من المسلمين، وأصر ((فندر)) على أن الأخطاء التي وقعت في الإنجيل كانت من سهو الكاتب، أما العبارات التي تتضمن عقيدة التثليث، وألوهية المسيح، والفداء والشفاعة فهي مصونة من التحريف، وقد رد عليه الشيخ بقوله: (إنك ما دمت قد اعترفت بوقوع التحريف في الإنجيل، فقد أصبح هذا الكتاب مشكوكا فيه برمته) وانتهى البحث على ذلك، ولم يرجع القس إلى البحث والمناظرة في اليوم الثالث (٣) وكان من الواضح أنه انسحب عن ميدان المناظرة، وكان انتصارا رائعا للجانب الإسلامي، قويت به معنوية المسلمين، وتشجعوا على مواجهة القسس ورد دعاويهم، وفقدت الدعوة التنصيرية الكثير من اعتبارها وقيمتها (٤).

يبدو أن المناظرة تركزت في البداية حول تحرير مصطلح النسخ، إلا أنه لو كانت وضعت في المكاتيب وتحددت المصطلحات التي سبقت التحرير لكانت أولى وأدق. سأورد تحليلي في المناظرة بعد الإتيان بالكلام نصا لأحدهما أو لكليهما مع استنتاجات موجزة.


(١) منسوبة إلى أحد المتنصرين من أبناء البلد، يظهر من ذلك نفوذ حركة التنصير في داخل البلد.
(٢) المرجع السابق.
(٣) راجع للتفصيل ((البحث الشريف في مسألتي النسخ والتحريف)) في خطابه هذه المناظرة وخبرها للشيخ رفاعي الخولي على هامش ((إظهار الحق)) طبع المطبعة العلمية باستنبول عام ١٣١٥ هـ.
(٤) انظر: أبي حسن الندوي (مقدمة) لإظهار الحق، طبعة الدوحة، قطر، ١٩٨٠ م.

<<  <   >  >>