للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن تحرير مضامين المصطلحات، واكتشاف مناطق الاتفاق ومناطق التمايز في معاني ومفاهيم هذه المصطلحات -وخصوصا تلك المصطلحات الأكثر شيوعا، والأكثر إثارة للجدل بين تيارات الفكر في عصرنا، وفي واقعنا - ... هو مهمة أساسية، وأولية بالنسبة لأي حوار فكري حقيقي وجاد ينقذ حياتنا الفكرية من خطر الاستقطاب الحاد ويوجد لغة فكرية واحدة بين بين الفرقاء المتحاورين (١).

كذلك تحرير المصطلحات "فمن هو النبي ومن هو الملك ومن هو الكاهن الذي يكهن للرب؟ إن هناك اختلافا في المفاهيم. فمن كان نبيا في القرآن قد لايكون سوى كاهن يخدم في بيت الرب. ومن كان أبا الأنبياء كإبراهيم - عليه السلام - قد لايكون في العقيدة النصرانية سوى جد من أجداد عيسى المسيح إذا اعتبرناه نبيا بشرا جسدا وروحا" (٢).

لاشك - على الرغم مما سبق - أن فندر يعد من أهم المنصرين الذين استخدموا المنهج العلمي - وإن لم يكن على الوجه الأكمل - في سبيل الدفاع عن المسيحيين، وفي سبيل القضاء على الإسلام، كذلك يعد رحمت الله من أهم المنظرين والدعاة عند المسلمين تجاه تلك النصرانية.

كذلك اتضح أن منهج ريموند لول كان أقوى من فندر، بل إن فندر هو من سار على منهج ريموند لول من خلال عمل المنظمات التبشيرية التي سارت على خطط ريموند، إلا أن كتاب فندر هو الذي يتوج أعمال لول في هذا المجال. وبالمقارنة بين لول ورحمت الله نجد أنهما يتشابهان كثيرا في الحركة، إلا أنه قد أشارت بعض المصادر على أن لول قد أوصى أحيانا باستخدام العنف في التنصير إذا لم تفلح الطرق السلمية في ذلك. كما عمل رحمت الله على تأسيس المدرسة الصولتية في مكة المكرمة بعد جهاده في الهند باليد واللسان والقلم، وعمل على تعليم وتفهيم الناس خطورة المستعمر والمبشر، بالإضافة إلى تعليم الناس علوم دينهم الحنيف، بينما عمل ريموند لول على المساعدة في إنشاء الجامعات، وإصدار الكتب، وتعليم اللغة العربية. وأستنتج من هنا أن رحمت الله كان أقوى من فندر - كذلك - على وجه الخصوص - من حيث النشاط العام الجماهيري المؤثر، وليس فقط من خلال الكتب أو المناظرة.

أما عن القمص زكريا بطرس - والذي ورد في هامش الحديث - فهو لا يعتمد المنهج العلمي أصلا في حواره أو مناظراته؛ فقد تتبعت بعض مصادر كلامه في الهجوم على الدين الإسلامي فلم أجد لها أي أساس من الصحة بل إنها مجرد تأليف ووهم من الناقد فقط! وهذا يضعه في مصاف الدعاة المدلسين فلا يقف حتى في الدرجة الدعوية عند سلم الشيخ أحمد ديدات - رحمه الله - مثلا؛ فيعمد منهج بطرس إلى شيئين:

١ - الجماعية

٢ - الفردية؛ فالجماعي يكون من خلال الوسائل الإعلامية كالتلفاز أو الانترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي، أما الفردية فتكون بالشخص منفردا تماما عن غيره.


(١) د. محمد عمارة، معركة المصطلحات بين الغرب والإسلام، (القاهرة: نهضة مصر للنشر والتوزيع، [د. ط]، [د. س])، ص ١٢.
(٢) حسن الباش، العقيدة النصرانية بين القرآن والأناجيل، الجزء الثاني، (لبنان: دار قتيبة، الطبعة الأولى، ٢٠٠١.)

<<  <   >  >>