غير كاف للتأثير في القلب، والشعور براحة الضمير؛ حيث نلحظ هنا أن كل ماسبق عبارة عن اجتهادات وتحليلات شخصية، إلا أن الرجل تفوق في مهارة الإلقاء، وجانب الروحانيات، وتهيئة القارئ للحديث عن النصارى وحكايتهم كما حدث في حكاية اليهود.
قوض رحمت الله نصوصهم واستعان بها ضدهم، لكن فندر قد استعار نصوص المسلمين ليشهد لهم، وهذا فارق كبير؛ لأن شهادته لهم لابد أن تؤول لشهادته بالباقي وبالحق.
إن كتاب فندر لا يستهدف الخاصة بل العامة، ولذا نجده حريصا على الاستمرار فيه بالرغم من دفع الشبهات بأقوال كثيرة يصعب على العامة قراءتها وحصرها.
عند المقارنة بين سند "زيد بن ثابت" عند المسلمين وسند "عزرا" في التوراة نجد أنه بينما تشكلت لجنة من المسلمين لجمع المصحف من الحفاظ المتقنين وتقديم شاهدي عدل على كل آية أيام جمع المصحف على يد أبي بكر ثم مرة ثانية على يد عثمان بن عفان، نجد أن عزرا الغير معروف هويته بالتحديد يجمع التوراة بنفسه - بعدما مرت أعوام على هزيمة اليهود على يد بختنصر وتفرقهم وفقد نصوصهم الأصلية- كذلك المقارنة بين جمع "قسطنطين" للإنجيل الحقيقي واعتماده، وجمع "عثمان" للمصحف الحقيقي واعتماده - فارق كبير- فبينما كان قسطنطين وثينا، وأقر الإنجيل المزيف - الذي يخدم مصالحه - على الرغم من أن أغلبية المجلس - المشكل - مقرون بالإنجيل الحقيقي، نجد عثمان قد نسخ القرآن بلجنة مشكلة معتمدة من صحابة الرسول، ثم رد أصل النسخة إلى صاحبه، ونسخ منه للأمصارالمختلفة لاعتماده وحرق المخالف عنه حتى لا تنتشر النسخة المخالفة للأصل.
إن في اتهام فندر الإسلام أنه انتشر بالسيف- لو افترضنا صحة ما يقول - فالسيف مدعاة للتفكر في أصول الديانة وليس مجرد الخوف منه.
ناقش كل باب منفصلا عن الباب الآخر حيث لا يفترض إبطال التثليث في باب النبوة وهكذا؛ فليس ترتيب الكتاب ملزم بإبطال قضاياه واحدة تلو الأخرى كما يعرض القس فندر، كما أن رحمت الله قسم كتابه بناء على أبواب المناظرة، في حين أن فندر حاول أن يقسمها - كذلك - ولكنه يعود أدراجه في الحديث عن قضية سابقة عند مناقشة قضية لاحقة.
تسمية فندر لكتبه بمسميات غريبة لا تدل عليها، مثل: مفتاح الأسرار ... ولا يوجد مفتاح! ميزان الحق ... ولا يوجد ميزان! طريق الحياة ... ولا يوجد سوى التيه! ملاحظات محمدية ... وفي الحقيقة هي ملاحظات مسيحية! بينما ركز رحمت الله على كل القضايا من خلال كتابه " إظهار الحق " مع قواعد وتنبيهات من خلال كتابه " التنبيهات ".